مُجْمَلَ ما وردَ فيهَا من آراءٍ وناقَشَها وربَّما رجَّح بينها، وكلُّ ما تقدَّمَ يعرضُه بعقلٍ منظَّمٍ ناضجٍ مؤصَّلٍ تأصيلًا قويًّا بشتَّى أنواعِ العُلُوم، ناهيكَ عن المنهج الواضع الَّذي سارَ عليه المؤلِّفُ في كتابِهِ، حيثُ ضمَّن كتابَه كتابَ شيخِه الإِيجيِّ دون أَنْ يُنقصَ منه حرفًا واحدًا مُلتزمًا في ذلك كُلِّه بخطّةِ الكتابِ المَشْرُوح؛ الَّذي بناهُ صاحبُهُ على أُسسٍ مُحْكَمَةٍ؛ قوامها الفصولُ، ثُمَّ القوانينُ، ثُمَّ الفُنونُ، ثُمَّ الأَنواعُ.
أمَّا الكتابُ المشروحُ "الفوائدُ الغياثيَّة في المعانِي والبَيَان" فقَد تضمَّن تلخيصًا وافيًا للقسمِ الثالث من كتابِ "مفتاح العُلُومِ" للسَّكاكيِّ؛ الَّذي يُعدُّ من أهمِّ الكتبِ البَلاغيَّةِ عند المتأَخِّرين؛ لأَنَّه رأسُ مَدْرَسَتِهِم؛ مِمَّا جعلهُم يعكفُون عليه تَلْخيصًا وشَرْحًا، وظلَّت هذه الشُّروحُ والدِّراساتُ عمدةَ الدَّارسين للبلاغةِ إلى يَوْمِنَا هذا.
وعليه: فإِنَّ كتابَ "الفوائدَ الغياثيَّة" لعضُد الدِّين الإيجيِّ يُوازي كتابَ تخليصِ الخَطيبِ في المَنْزِلَةِ؛ فكلاهُما مختصرٌ للمِفتاح. كمَا أَنَّ "تَحقيقَ الفَوائِد" للكرمانيِّ يُوازي كتابَ الإيضاح للخطيب؛ فكلاهما شرحٌ لمُخْتَصر.
وإذا رأَينا كثرةً من الشُّروح قامتْ على التَّلخيصِ؛ لاحْتِيَاجهِ إلى الإِيضاح والشَّرح حتَّى شَرَحَه صاحبُه نَفْسُه (الخطيبُ القَزْوينيُّ) في كتابه المَشْهُورِ: "الإيضاح"؛ فإن ذلك يُؤكِّد حاجةَ كتاب الإِيجيِّ إلى شرحٍ وإيضاحٍ؛ فجاءَ هذا الكَتابُ موضوعُ التَّحقيقِ والدِّراسةِ محقّقًا لهذا الهدف.
ومن هُنا نَلْمَسُ أهميَّةَ الكتابَيْن؛ المَشْروح والشَّارح.
٢ - تَمَيُّزُ الكِتابين المُتقَدِّمين -الشَّرح والمشروح- بأنَّهما لعَلَمَين
1 / 14