وقد شهدت موقفا من مواقف المتعصبين في أحد المساجد بصنعاء، وقد أحدثوا ضجة في المسجد بسبب قراءة (يس) على ميت، ويقولون في حجتهم إن حديث: ((اقرءوا (يس) على موتاكم)) حديث ضعيف لا يجوز العمل به. فأجبت عليهم أن الحديث من قسم الحسن كما ذكره جلة العلماء ولسنا بحاجة إلى الاستدلال به، ولنا دليل من أقوى الأدلة، وهو الأصل في جواز تلاوة القرآن -(يس) وغيره- للأحياء والأموات من غير فرق وفي كل زمان ومكان. ومن ادعى منع ذلك فعليه الدليل الصحيح الصريح الذي يصلح مانعا لدليل الأصل، فتفضلوا بدليل ينهى عن قراءة القرآن على الأموات، وهيهات هيهات لا يوجد ذلك، بل الدليل الصحيح الحث على قراءة القرآن في كل حال إلا حالة الجنابة والحيض والنفاس، وأن ((من قرأ القرآن فله بكل حرف عشر حسنات، لا أقول الم حرف، ولكن ألف حرف، ولام حرف، وميم حرف..)) الحديث بطوله، وبقي لنا الاستدلال بحديث ((إقرؤا (يس) على موتاكم)) استظهارا وتقوية.
قالوا: لم يفعله الصحابة، ولا أمر به النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
قلت لهم: الترك وعدم العمل لو سلمنا به ليس بدليل، فالدليل هو قوله صلى الله عليه وآله وسلم وفعله وتقريره، والترك ليس بحجة، كيف وقد قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما تركته فهو عفو)) أي جائز، نص الحديث: قال صلى الله عليه وآله وسلم: ((ما أحل الله فهو حلال، وما حرم فهو حرام، وما سكت عنه فهو عفو، فاقبلوا من الله عافيته، فإن الله لم يكن لينسى شيئا)) أخرجه البزار والطبراني من حديث أبي الدرداء بسند حسن.
وروى الترمذي وابن ماجة من حديث سلمان رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: ((الحلال ما أحل الله، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا عنه))، وللحديث طرق أخرى. وهذا كما لا يخفى مؤيد لدليل الأصل وهو الجواز.
صفحہ 3