وقال ابن هلال في نوازله: الذي أفتى به ابن رشد، وذهب إليه غير واحد من أئمتنا بالأندلس أن الميت ينتفع بقراءة القرآن، ويصل إليه نفعه، ويحصل له أجره إذا وهب القارئ ثوابه له، وبه جرى عمل المسلمين شرقا وغربا، ووقفوا على ذلك أوقافا، واستمر عليه الأمر منذ أزمنة سالفة. اه.
ونقل العلامة الحافظ الشيخ عبد الرحمن الثعالبي في تفسيره (الجواهر الحسان) عند قوله تعالى: {وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا}[الإسراء:24] عن الحافظ العلامة عبد الحق الإشبيلي في كتابه (العاقبة) ما نصه: واعلم أن الميت كالحي فيما يعطاه ويهدى إليه، بل الميت أكثر وأكثر، لأن الحي قد يستقل ما يهدى إليه ويستحقر ما يتحف به، والميت لا يستحقر شيئا من ذلك ولو كان مقدار جناح بعوضة أو وزن مثقال ذرة لأنه يعلم قيمته، وقد كان يقدر عليه فضيعه، وقد قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: ((إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو ولد صالح يدعو له، أو علم ينتفع به)) فهذا دعاء الولد يصل إلى والده وينتفع به، وكذا أمره عليه الصلاة والسلام بالسلام على أهل القبور، والدعاء لهم، وما ذاك إلا لكون ذلك الدعاء لهم والسلام عليهم يصل إليهم ويأتيهم، والله أعلم.
وروي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((الميت في قبره كالغريق ينتظر دعوة تلحقه من ابنه أو أخيه أو صديقه، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها)) والأخبار في هذا الباب كثيرة. اه.
صفحہ 22