تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
مسألة في نفي الرؤية
الذي يقوله مشايخنا - رحمهم الله - أنه تعالى ليس بمرئي في ذاته، ومن خالفنا فيه على أقوال:
فمنهم: من يثبته جسما فلا بد أن يرى، فلا نكلمهم في ذلك بل نكلمهم في الأصل.
ومنهم: من يقول: ليس بجسم ويثبت الجهة، وهم المشبهة فهم كالأولين.
ومنهم: من نفى التشبيه والتجسيم والجهة وأثبت الرؤية، فهؤلاء الذين نكلمهم في مسألة الرؤية.
فيقال لهم: أتثبت الرؤية وتنفي الجهة؟.
فإن قال: نعم، قلنا: ناقضت؛ لأنك أثبت الرؤية فلما نفيت الجهة، والرؤية لا تكون إلا في جهة فقد نفيتها.
ويقال لهم: أهو مدرك بجميع الحواس أو بحاسة مخصوصة؟.
فإن قال: بحاسة العين - وهو مذهب أكثرهم-.
قلنا: فكل ما يختص إدراكه بحاسة البصر يكون من جنس الألوان.
ويقال لهم: أليس القديم تعالى على الصفة التي لو رأى كان عليها؟ فلا بد من: بلى؛ لأن التغير عليه مستحيل، فيقال: أليس نحن على صفة تدرك المدركات؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليست الموانع من الرؤية التي هي معقولة تستحيل عليه، كالبعد المفرط والقرب المفرط والحجاب واللطافة والدقة أو يكون بين محله وبين الرائي أحد هذه الوجوه؟ فلا بد من: بلى، فيقال: فلو كان مرئيا لوجب أن نراه، ولئن جاز مع هذا أولى لجاز أن يكون بين أيدينا فيلة عظيمة لا نراها.
فإن قال: إنما يدرك المدرك منا بإدراك وذلك الإدراك فعل الله تعالى، فإذا فعل في الحاسة أدركناه.
صفحہ 96