تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
قلنا: والعقول تقتضي قبح العقوبة على ما لم يفعل، وبعد فوجب أن لا يختلف أطفال المشركين وأطفال المؤمنين، فكل من علم أنه إذا بلغ كفر يعذب وإن كان أبوه مؤمنا، ولا يعذب من إذا بلغ آمن وإن كان أبوه كافرا، وهذا خلاف مذهبهم، ولو جازت العقوبة على ما في المعلوم لجاز في البالغين، والله تعالى أوعد على المفعول لا على المعلوم.
ويقال لهم: ما تقولون في الصبي إذا قتل أو زنا أو سرق، هل يقتص منه أو يحد أو يقطع؟ فلا بد من القول: بلى؛ لأنهم لو قالوا: نعم، دفعهم الشرع والعقل، قلنا: فإذا لم يسوغ الشرع أن يعاقبوا بهذا القدر فكيف يصح أن يعاقب بالنار.
وقد قال بعضهم: إنه يجوز أن يعاقب واحد بذنب غيره، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى: ?وأثقالا مع أثقالهم?[العنكبوت:13]، وربما رووا في ذلك أن ذنوب المسلمين تحمل على أعناق اليهود.
والجواب: إن الآية ليس فيها ما يقولون، وإنما قال يحمل ذنوبا وذنوبا لم يبين أي ذنب ذلك، والمراد أثقال ضلالهم وإضلالهم كقوله: (من سن سنة حسنة ومن سن سنة سيئة)، الآية تقتضي بطلان قولهم؛ لأنه تعالى قال: ?وقال الذين كفروا للذين آمنوا اتبعوا سبيلنا ولنحمل خطاياكم?، ثم قال مكذبا لهم: ?وما هم بحاملين من خطاياهم من شيء?[العنكبوت:12]، وما رووه فرواية باطلة يردها العقل والكتاب.
صفحہ 161