تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
ويقال لهم: ألستم تزعمون أن كل من قدر على شيء فعله؟ فلا بد من: بلى، فيقال: هل قدر النبي - صلى الله عليه وآله - وسائر الأنبياء والأئمة - عليهم السلام - على معصية قط وتركوها لله إجلالا له ورجاء لثوابه وخوفا من عقابه؟ فإن قالوا: لا، قلنا: فإذن ترك ما لا يقدر عليه، فإن قالوا: نعم، قلنا: فلو قدر على جميع المعاصي لفعلها، كالكفر وعبادة الصنم لم يحجزه من ذلك رجاء ثواب ولا خوف عقاب، فإن قالوا: نعم، قلنا: أحد أسوأ ثناء منكم على الرسول، وكيف يمدح من ترك ما لا يقدر عليه؟ ونحن نقول: إنه قدر على جميع ذلك فلم يفعل باختياره إجلالا لعظمة ربه ورجاء لثوابه وخوفا من عقابه، فأينا أحسن ثناء على رسول الله - صلى الله عليه وآله -.
ويقال: أليس عندكم لو قدر النبي - صلى الله عليه - أن يكون شر خلق الله لكان ولكن لا يقدر؟ فلا بد من: بلى، فيقال: لو قدر إبليس على أن يكون خير خلق الله لكان كذلك؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أنتم أحسن ثناء على إبليس منكم على رسول الله؛ لأنه تقرر في العقول أن من وصف بأنه لو قدر على كل خير لفعله أحسن حالا ممن وصف بأنه لو قدر على فعل شر لأتى به.
ويقال لهم: ما تقولون في عزمكم وعقيدتكم لو قدرتم على قتل الأنبياء والمؤمنين، وهدم الكعبة، وعبادة الأصنام، وشرب الخمور، وانتهاك كل الحريم، ونبش كل ميت، وارتكاب كل عظيم لفعلتم ذلك، ولم تتركوه خوفا من عقاب ولا رجاء لثواب.
فإن قالوا: كنا لا نفعل ذلك تركوا أصلهم، وإن قالوا: نفعل ذلك.
قلنا: ومن أعدى لله ورسوله والمسلمين، ومن شر من عقيدته [ومن لا أشر عقيدة من عقيدته] غير هذا.
ويقال: هل عفا ملك قط عن أحد وأنعم عليه وهو يقدر على عقوبته؟
صفحہ 141