تحکیم العقول فی تصحیح الاصول
تحكيم العقول في تصحيح الأصول
اصناف
ويقال لهم: أليس روي في المتواتر عن النبي - صلى الله عليه وآله - أنه قال: ((اللهم ارضني بقضائك وبارك لي في قدرك))، وقال حاكيا عن ربه: ((من لم يشكر نعمائي ولم يصبر على بلائي ولم يرض بقضائي فليطلب ربا سواي))، فيجب الرضى بالكفر، فإن قال: نعم دفعه العقل والشرع، وإن قال: لا لزمه أن لا يكون بقضائه.
ويقال لهم: أليس الشرع ورد بأن كل قاضي يقضي بجور وظلم يقال له هذا جائر، فإن كان كل جور وظلم بقضائه فوجب أن يسمى بذلك.
ويقال لهم: أليس وردت السنة عن رسول الله - صلى الله عليه وآله - بذم القدرية فقال: ((القدرية مجوس هذه الأمة)) وغير ذلك من الأخبار ، فلا بد من: بلى، فيقال: أليست الأسماء تؤخذ من الإثبات كما يقال لمن يثبت التوحيد: موحد، ولمن يثبت التشبيه: مشبه، وكذلك أسماء الصانع؟ فلا بد من: بلى، فيقال: أليس هذا الاسم أخذ من القدر فيجب أن يكون له تعلق؟، فلا بد من: بلى، فيقال: اختلفنا في المعاصي أهي بقدر الله أم لا، فقلتم نعم وقلنا لا، فأنتم بهذا أولى.
وبعد ألستم قد لججتم بذكر القدر فتضيفون إليه كل كائن حسنا كان أو قبيحا فكنتم بهذا الاسم أولى من هذا الوجه أيضا، كما يقال تمري لمن لهج بالتمر ولبني لمن لهج باللبن.
وبعد أليس قد دللنا على صحة مذهبنا وفساد مذهبكم فكنتم بهذا الاسم أولى.
فإن قالوا: أنتم أولى بهذا الاسم؛ لأنكم أثبتم لنفوسكم القدر.
قلنا: باطل، نحن لا نثبت لأنفسنا القدر البتة، وإنما نثبت لأنفسنا فعلا كما أثبتم كسبا، وبعد فهب أنا كذلك فعلنا، فإذا ذلك عندكم باطلا وجب أن لا نسمى بذلك، ألا ترى أن المشبه يدعي أنه موحد منزه ونحن نسميه مشبها، ومن يدعي أنه كاتب صانع ولا حقيقة له لا يسمى بذلك.
صفحہ 133