قلت وبالله التوفيق: إذا كان دفع الأكثر ظلما مؤديا في غالب الظن إلى شيء من جملة الظلم، وهو أخذ الزكاة والعشور، وأنه لا يجوز لأجل ذلك، فكيف بتسليم المال المقطوع بتأديته إلى أعظم الظلم وأشده!
فإن قيل: قد قال عليه السلام قبيل هذا من هذا الكتاب مالفظه: (ولا تجب الهجرة لما يأخذه الظالم من الإتاوة قهرا).
قلت وبالله التوفيق: إنه لم يذكر أنها لو كانت تؤدي إلى قوة ظلم الظالم، فلعله حيث كان لا دولة لمن يأخذ الإتاوة، ولا جنود يجندها للفساد في الأرض بغير الحق، ويؤيد هذا ما ذكرناه من كلامه عليه السلام أولا، وإلا كان مناقضة، وأيضا من قواعد أئمتنا " أنهم يجعلون الحكم للمقيد ويردون المطلق إليه حتى يتفق المعنيان، ويسلما من التنافي، وما حكيناه عنه عليه السلام أولا مقيد بكونه مؤديا إلى قوة ظلم الظالم، أو مؤديا إلى شيء من الظلم، وهذا مطلق، فيجب تأويله بما ذكرناه.
وأيضا قد عرف من قاعدته عليه السلام أنه يتأول ما جاء من الأئمة " شبه هذا القول كتأويله عليه السلام لقول القاسم بن إبراهيم عليه السلام (لا بأس بالفرش والمقارم تكون من الحرير)، فقال المؤيد بالله عليه السلام: (يحتمل أن يكون المراد به أن ذلك يحل للنساء)، وذلك مذكور في (أصول الأحكام).
فإن أثبت هذا التأويل فاعلم أن الإفادة مجموعة من فتاويه، وقد روي في سيرته أنه قال: (وددت أن أتمكن مما أفتيت به فأحرقه).
صفحہ 342