============================================================
الفصحى في الاستخدام أمر مفهوم، وأن هذا الأمر ليس وليد اليوم في اللغة العربية، فهناك آدلة قاطعة وصحيحة على وجود عاميات عربية بجانب الفصحى منذ أيام النبي صلى الله عليه وسلم وحتى يوم الناس هذا، ولكن في مواطن الجد من القول كانت الفصحى هي صاحبة الكلمة العليا، وكانت مزاحمة العامية لها أمرا م ستهجنا ومعيبا، وليس هذا مقام التفصيل في ذلك على أية حال.
وايمانا منا بأهمية تراث (لحن العامة)، وإسهامه في دعم الفصحى على ألسنة الناس ؛ نقدم لهم هذا المصنف القيم لابن منظور رحمه الله، وهو (تهذيب الخواص من درة الغواص)، الذي قام فيه ابن منظور بتهذيب مادة كتاب (درة الغواص في أوهام الخواص) للحريري، وترتيب مادته على حروف المعجم، وهذا الكتاب الذي بن أيدينا يستمد قيمته من عدة جوانب، أحدها: أنه لابن منظور صاحب لسان العرب. ثانيها: أنه يتعرض لكتاب من أهم كتب لحن العامة وأكثرها إثارة لمساجلات العلمية ما بين موافق للحريري ومعارض له، ولعل كتاب (درة الغواص) أكثر كتاب في تراث لحن العامة تناوله العلماء بالشرح والحواشي والتهذيب. ثالثها: أن تهذيب ابن منظور ييسر الافادة من الكتاب الأصلي، ويسهل لدارسين العودة إلى مواده المختلفة.
وقد عثرت على خطوطة هذا الكتاب في أثناء اطلاعي على فهارس المخطوطات بجامعة الإمام محمد بن سعود الاسلامية، ورأيت فيها أثرا قيما ينبغي أن يكون بين ايدي الذارسين والمهتمين بالعربية، وبخاصة أنها بخط ابن منظور نفسه، فعزمت على تحقيقها، لم يثنني عن ذلك سوء حالة المخطوط، ورداءة خطه (1)، على الرغم من عدم وجود نسخ آخري للمخطوط، وشجعني على ذلك وجود أصله - أعني درة (1) خط ابن منظور في المصنفات التي تركها خط مقروه وجيد ومنسق، رأيت ذلك بنفسي في المخطوطات التي طالعتها بخط ابن منظور في مصنفات أخري، انظر عل سبيل المثال: (مختصر الجبامع لمفردات الأدوية والأغذية لابن البيطار)، والذي كتبه ابن منظوربخطه 654 ه وهي محفوظة بدار الكتب المصرية (بباب الخلق) تحت رقم 115 طب تيمور، ميكرو فيلم 11602، ولكن الواضح أن مخطوطة الكتاب الذي بين ايديناكانت مسودة (انظر: منهج ابن منظور في التهذيب، في الصفحات المقبلة) .
صفحہ 9