279

قلنا: هذا الإلجاء قد يتغير بالاعتقاد كما يثبت في أهل الهند أنهم يقدرون في قتل النفس التخلص من عالم الفساد، واللحوق بعالم النور والصلاح، فإذا صح عند هذه الشبهة هذا التكليف زال الإلجاء، وكما يصح ذلك يصح أن يتعرض للقتل بتقحم الحرب ونحوه، فثبت أن حمله على الوجه الأول لا مانع منه، وإن كان الوجوه الأخر جائزة.

ويقال: كيف قال: أنفسكم والمراد بعضكم بعضا؟

قلنا: للقرابة أجراهم مجرى النفس الواحدة، أي كما لا يقتل نفسه، كذلك من يحل محل نفسه، ولأنه جمعهم دين واحد، فصاروا كنفس واحدة ولا تخرجون أنفسكم من دياركم قيل: لا يخرج بعضكم بعضا من ديارهم، بأن يغلبوا على الدار، وقيل: لا تفعلوا ما تستحقون الإخراج من دياركم كما فعل ببني النضير ثم أقررتم وأنتم تشهدون قيل: اعترفتم على أنفسكم بقبوله ولزومه وأنفسكم شاهدة بصحته، وقيل: اعترفتم ويشهد بعضكم على بعض حتى اشتهر وأنتم تشهدون ذلك اليوم، وقيل: أقمتم على الرضاء والصبر، معناه أن الله أمركم به ورضيتم به، وأقمتم عليه، وشهدتم بصحته، فالإقرار على هذا توسع، كما يقال: فلان لا يقر على الضيم، قال الشاعر: ألست كليبيا إذا سيم خطة ... أقر كإقرار الحليلة للبعلل عن أبي مسلم، وقيل: أخذ الله ميثاق أسلافكم زمن موسى، وأنتم الآن تقرون بصحته، وتشهدون به، وأراد: هذا الشرع دخل في حد التواتر حتى لا يمكن إنكاره.

ويقال: ما المقر به في قوله: أقررتم؟

قلنا: قيل: أقررتم بالميثاق، وقيل: أقررتم بلزوم الموثوق.

ويقال: من المخاطب بقوله: تشهدون؟

قلنا: فيه قولان: الأول: اليهود الذين كانوا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقديره: وأنتم تشهدون على إقرار أسلافكم، وعلى صحة هذا الميثاق.

صفحہ 470