قال: بلى؟ فهي الكلمات، عن ابن عباس. وقيل: الكلمات ما وعد الله تعالى العاصي من العقاب، والتائبين من المغفرة، فلما بينه عليه تاب. وقيل: أتى بمحامد وحسن الثناء بما دل على شدة ندامته، والخضوع له تعالى. وقيل: كان ثلاثة أشياء: الحياء، والدعاء، والبكاء. وعن ابن عباس أنهما بكيا مائتي سنة، وعن بعضهم لما أهبطا لم يرفع رأسه ثلاثمائة سنة حياء [*].
فإن قيل: كيف تجب التوبة عن الصغيرة، وهي مكفرة؟
قلنا: لا تجب عقلا، ولكن تجب سمعا؛ لأن فيه استدراك ما فاته من الثواب في مقابلة الصغيرة، عن أبي هاشم. وقيل: تجب عقلا لكيلا يكون مصرا، والإصرار كبيرة، عن أبي علي، وقيل: إن فيه لطفا فلذلك تجب.
فإن قيل: كيف يصح مغفرة المغفور؟
قلنا: الله تعالى يستره حالا بعد حال، ويوجب له الثواب، وقبول التوبة بأحد شيئين: إسقاط عقوبة، أو إيجاب مثوبة؛ ولذلك قال إبراهيم (عليه السلام): (والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين (82)
(فتاب عليه) فيه حذف أي: تاب آدم فتاب الله عليه، أي قبل توبته.
ومتى قيل: لم قال: (عليه) ولم يقل: عليهما؟
قلنا: قيل: أراد عليهما فحذف للإيجاز والتغليب، كقوله تعالى: (والله ورسوله أحق أن يرضوه)
وقيل: لأنه جرى ذكر آدم.
وقيل: تاب عليه ووفقه للتوبة وهداه إليها بأن لقنه الكلمات حتى قالها، فلما قالها قبل توبته؛ لأنه تواب، وهو في صفة الله كثير القبول للتوبة يقبل مرة بعد مرة، وفي صفة العباد كثير التوبة.
وقيل: يقبل التوبة وإن عظمت الذنوب، فيسقط العقاب، ثم هو رحيم لا يخليه مع إسقاط عقابه من رحمته ونعمه.
صفحہ 342