وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقنت فيها أحيانا ويترك القنوت فيها أحيانا فأخبر أنس عنه أنه لم يزل يقنت فيها على ما لم يزل يعهده من فعله فى ذلك بالقنوت فيها مرة وترك القنوت فيها أخرى معلما بذلك أمته أنهم مخيرون فى العمل بأى ذلك شاؤوا وعملوا به وأخبر طارق ابن أشيم أنه صلى معه فلم يره قنت وغير منكر أن يكون صلى خلفه فى بعض الأحوال التى لم يقنت فيها فى صلاته فأخبر عنه بما رأى وشاهد
وليس قول من قال لم أر النبي صلى الله عليه وسلم قنت بحجة يدفع بها قول من قال رأيته قنت ولا سيما والقنوت أمر مخير المصلى فيه وفى تركه كالذى ذكرنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمله به أحيانا وتركه إياه أحيانا تعليما منه أمته صلى الله عليه وسلم سبيل الصواب فيه
ولو كان قول من قال من أصحابه لم أر رسول الله قنت دافعا قول من قال رأيته يقنت وجب أن يكون قول من قال لم أره يرفع يديه عند الركوع وعند رفعه رأسه من الركوع دافعا قول من قال رأيته يرفع يديه عندهما
وكذلك كان يجب أن يكون كل ما حكى عنه من اختلاف كان يكون منه فى صلاته مما فعله تعليما منه أمته فى انهم مخيرون بين العمل به وتركه غير جائز العمل إلا بإحدهما
وفى إجماع الأمة على أن ذلك ليس كذلك وأن رفع اليدين فى حال الركوع وحال رفع الرأس منه فى الصلاة غير مفسد صلاة المصلى ولا تركه موجب عليه قضاء ولا بدلا منه إذ كان ذلك من العمل الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمله أحيانا فى صلاته ويتركه أحيانا
صفحہ 388