بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
(وَبِه نستعين)
(قَالَ الشَّيْخ الإِمَام الْعَلامَة جمال الْإِسْلَام شيخ الْعلمَاء والأعلام شمس الدّين أَبُو الْخَيْر مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد بن الْجَزرِي المقرىء الشَّافِعِي الدِّمَشْقِي متع الله بحياته الْمُسلمين ونفع بِهِ وببركته) . الْحَمد لله على تحبير التَّيْسِير وَأشْهد أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَحده لَا شريك لَهُ الحكم الْعدْل السَّمِيع الْبَصِير.
1 / 89
وَأشْهد أَن سيدنَا مُحَمَّدًا عَبده وَرَسُوله صَاحب الْمجد الأثيل والشرف الْأَثِير.
الَّذِي تقدم على من قبله فضلا مَعَ مَجِيئه فِي الْأَخير، صلى الله عَلَيْهِ وعَلى آله وَصَحبه الَّذين اجتهدوا فِي تَصْحِيح كتاب الله وتحرير حُرُوفه أتم تَصْحِيح وأتقن تَحْرِير [وَبعد] فَلَمَّا كَانَ كتاب التَّيْسِير للْإِمَام الْعَلامَة الْحَافِظ الْكَبِير المتقن الْمُحَقق أبي عَمْرو الداني رَحمَه الله تَعَالَى من أصح كتب الْقرَاءَات وأوضح مَا ألف عَن السَّبْعَة من الرِّوَايَات، وَكَانَ من أعظم أَسبَاب شهرته دون بَاقِي المختصرات نظم الإِمَام ولي الله تَعَالَى أبي الْقَاسِم الشاطبي ﵀ فِي قصيدته الَّتِي لم يسْبق إِلَى مثلهَا،
1 / 90
وَلم ينسج فِي الدَّهْر على شكلها، وَإِنِّي لما رَأَيْت الْجَهْل قد غلب على كثير من الْعَوام وشاع عِنْد من لَا علم لَهُ من الغوغاء الطغام [أَنه] لَا [قراءات] . إِلَّا [الَّذِي] فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ [وَأَن السَّبْعَة الأحرف] الْمشَار إِلَيْهَا بقوله صلى الله [تَعَالَى] عَلَيْهِ وَسلم: " أنزل الْقُرْآن على سَبْعَة أحرف " هِيَ قراءات هَذِه السَّبْعَة الْقُرَّاء. [وَأَن مَا عدا مَا فِي هذَيْن الْكِتَابَيْنِ من الْقرَاءَات شَاذ لَا يقْرَأ بِهِ [أَولا] يَصح
1 / 91
قُرْآنًا وكل قَول من هَذِه الْأَقْوَال وَنَحْوهَا بَاطِل لَا يلْتَفت إِلَيْهِ وَخلف لَا يعول عِنْد عُلَمَاء الْإِسْلَام عَلَيْهِ كَمَا بَينه غير وَاحِد من الْأَئِمَّة [وأوضحه] المقتدى بهم من سراة [هَذِه] الْأمة إِذْ كَانَ الضَّابِط [الصَّحِيح للقراءات] وَالْحَد الْجَامِع لما يقْرَأ بِهِ من الرِّوَايَات [كل مَا] وَافق [أحد] الْمَصَاحِف العثمانية وَلَو تَقْديرا وَوَافَقَ الْعَرَبيَّة وَلَو بِوَجْه وَصَحَّ إِسْنَادًا سَوَاء كَانَ عَن هَؤُلَاءِ السَّبْعَة أم الْعشْرَة [أم غَيرهم] . وَمَتى اخْتَلَّ ركن / من هَذِه الثَّلَاثَة فِي حرف حكم عَلَيْهِ بالشذوذ، وَكَلَام النَّاس فِي حكم الشاذ مَعْلُوم، قد أَشَرنَا إِلَى ذَلِك فِي أول كتَابنَا [نشر الْقرَاءَات الْعشْر] .
وَإِنِّي لما نظمت طيبَة النشر نظما رَجَوْت بِهِ أَن تكون ذخري عِنْد الله فِي الْحَشْر،
1 / 92
واختص بهَا قوم [عَن] حفاظ حرز الْأَمَانِي وتقدموا عَلَيْهِم [بِمَا حوت] من جمع الطّرق واختصار اللَّفْظ وَكَثْرَة الْمعَانِي رَأَيْت أَن أتحف حفاظ الشاطبية بتعريف قراءات الْعشْرَة وأجعلها فِي متن الْحِرْز منظومة مختصرة فَجَاءَت فِي أسلوب من اللطف عَجِيب وَنَوع من الإعجاز والإيجاز غَرِيب، وَلَا شكّ أَن ذَلِك ببركة [قصيد] الشاطبي [﵀ وَرَضي عَنهُ] وسر ولَايَته الَّذِي [وصلنا] مِنْهُ، وَلما تلقيت بِالْقبُولِ وَحصل [بهَا] لأَهْلهَا من النَّفْع غَايَة المأمول رَأَيْت أَن أفعل ذَلِك فِي كتاب التَّيْسِير وأضيف إِلَى [سبعته] الثَّلَاثَة فِي أحسن منوال يكون لَهُ كالتحبير مَعَ مَا أضيف إِلَيْهِ من تَصْحِيح وتهذيب [وتوضيح] وتقريب من غير أَن أغير لفظ الْكتاب أَو أعدل بِهِ إِلَى غَيره من خطأ أَو صَوَاب، وَحَيْثُ كَانَت الزِّيَادَة عَلَيْهِ يسيرَة ألحقتها بالحمرة فِيهِ وَإِن كَانَت كَثِيرَة قدمت عَلَيْهَا لفظ " قلت " وختمتها بِقَوْلِي [وَالله الْمُوفق] فَأول مَا [أفْتَتح] هَذَا الْكتاب بِذكر شىء من حَال الْمُؤلف وَنسبه ومولده ووفاته واتصال قراءتنا وروايتنا بِهِ ثمَّ أتبع ذَلِك [بِلَفْظِهِ] على حسب مَا [التزمته] .
1 / 93
(بَاب ذكر حَال الْمُؤلف وَنسبه ومولده ووفاته)
هُوَ [أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سعيد بن عُثْمَان بن سعيد بن عمر] الْأمَوِي مَوْلَاهُم الْقُرْطُبِيّ الْمَعْرُوف فِي زَمَانه بِابْن الصَّيْرَفِي وَبعد ذَلِك بالداني ولد سنة إِحْدَى وَسبعين وثلاثمائة بقرطبة، وابتدأ بِطَلَب الْعلم سنة سِتّ وَثَمَانِينَ [ورحل] إِلَى الْمشرق سنة سبع وَتِسْعين [فَدخل] مصر فِي شَوَّال فَمَكثَ بهَا سنة يشْتَغل وَيحصل ثمَّ حج فِي سنة [ثَمَان وَتِسْعين] وَعَاد إِلَى الأندلس فَدَخلَهَا فِي ذِي الْقعدَة سنة تسع وَتِسْعين ثمَّ خرج إِلَى سرقسطة سنة ثَلَاث وَأَرْبَعمِائَة فسكنها سَبْعَة أَعْوَام /.
1 / 94
ثمَّ رَجَعَ إِلَى قرطبة فَأَقَامَ بهَا [حَتَّى] قدم دانية سنة سبع عشرَة فاستوطنها حَتَّى مَاتَ بهَا [رَحمَه الله تَعَالَى] .
قَالَ ابْن بشكوال: كَانَ أحد الْأَئِمَّة فِي [علم الْقُرْآن ورواياته] وَتَفْسِيره ومعانيه وطرقه وَإِعْرَابه وَجمع فِي ذَلِك كُله [تواليف] حسانا يطول تعدادها وَله معرفَة بِالْحَدِيثِ وطرقه وَأَسْمَاء رِجَاله ونقلته وَكَانَ حسن الْخط جيد الضَّبْط من أهل الْحِفْظ والذكاء والتفنن دينا ورعا سنيا.
وَقَالَ غَيره: لم يكن فِي عصره [وَلَا بعده بمدد] أحد يضاهيه فِي حفظه وتحقيقه وَكَانَ يَقُول: مَا رَأَيْت شَيْئا قطّ إِلَّا كتبته [وَلَا كتبته إِلَّا حفظته وَلَا حفظته فَنسيته]،
1 / 95
وَكَانَ يسْأَل عَن المسئلة مِمَّا يتَعَلَّق بالآثار [وَكَلَام الْعلمَاء] فيوردها بِجَمِيعِ مَا فِيهَا مُسندَة من شُيُوخه إِلَى قَائِلهَا.
[وَقَالَ المغامي]: كَانَ أَبُو عَمْرو الداني مجاب الدعْوَة مالكي الْمَذْهَب.
قلت: وَمن نظر كتبه ومؤلفاته علم مِقْدَاره وَتحقّق فَضله وَمَا وهبه الله تَعَالَى من الْحِفْظ والفهم وَصِحَّة التَّصَوُّر وتدقيق النّظر والإنصاف. توفّي ﵀ [تَعَالَى] بدانية يَوْم الِاثْنَيْنِ النّصْف من شَوَّال سنة أَربع وَأَرْبَعين وَأَرْبَعمِائَة وَدفن فِي يَوْمه بعد الْعَصْر وَمَشى صَاحب دانية أَمَام نعشه وشيعه خلق عَظِيم.
1 / 96
(بَاب ذكر اتِّصَال [تلاوتنا وروايتنا بِهِ])
قَرَأت هَذَا الْكتاب وتلوت الْقُرْآن الْعَظِيم بمضمنه على جمَاعَة من الشُّيُوخ بِمصْر وَالشَّام وَغَيرهمَا بأسانيد مُخْتَلفَة أَعْلَاهَا من طَرِيق [الشاطبي قَرَأت بِهِ] الْقُرْآن كُله على الشَّيْخَيْنِ الْإِمَامَيْنِ الْعَالم الصَّالح أبي مُحَمَّد عبد الرَّحْمَن بن أَحْمد بن عَليّ [بن] الْبَغْدَادِيّ الشَّافِعِي والعلامة أبي عبد الله مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن عَليّ بن أبي الْحسن الْحَنَفِيّ بالديار المصرية أَربع ختمات جمعا وَقَرَأَ كل مِنْهُمَا بمضمنه الْقُرْآن جمعا وإفرادا على الشَّيْخ الإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بن عبد الْخَالِق الصَّائِغ شيخ الإقراء بالديار المصرية وَقَرَأَ الصَّائِغ بمضمنه الْقُرْآن على الشَّيْخ الإِمَام أبي الْحسن عَليّ بن شُجَاع ابْن سَالم الْهَاشِمِي العباسي الضَّرِير وَقَرَأَ الضَّرِير بمضمنه الْقُرْآن على الشَّيْخ الإِمَام أبي الْقَاسِم بن فيره بن خلف بن أَحْمد الرعيني الشاطبي الضَّرِير، وَمن طَرِيق
1 / 97
الْحصار / قَرَأت بمضمنه الْقُرْآن كُله على شَيْخي الإِمَام الصَّالح قَاضِي الْمُسلمين أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن الشَّيْخ الإِمَام أبي عبد الله الْحُسَيْن بن سُلَيْمَان بن فَزَارَة الْحَنَفِيّ بِدِمَشْق المحروسة وَقَالَ لي: قرأته وقرأت بمضمنه الْقُرْآن الْعَظِيم عَليّ وَالِدي وَأَخْبرنِي أَنه قَرَأَهُ وَقَرَأَ بِهِ الْقُرْآن على الشَّيْخ الإِمَام أبي مُحَمَّد الْقَاسِم بن أَحْمد بن موفق اللورقي [ح] . وحَدثني بِهِ شَيخنَا الْأُسْتَاذ أَبُو الْمَعَالِي مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن الْحسن بن اللبان شيخ الإقراء بِالشَّام المحروس بعد أَن قَرَأت عَلَيْهِ الْقُرْآن بمضمنه وقرأه شَيخنَا الْمَذْكُور على الإِمَام أبي الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم الْمرَادِي قَالَ: أخبرنَا بِهِ أَبُو مُحَمَّد عبد
1 / 98
الله بن يُوسُف بن أبي بكر الشبارتي قَالَا: أَعنِي اللورقي والشبارتي: أخبرنَا بِهِ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن عَليّ بن يحيى بن عون الله الْحصار قِرَاءَة وتلاوة، وَمن طَرِيق الْمرَادِي والغافقي [أَخْبرنِي] أَبُو الْعَبَّاس [بن أبي عبد الله] الكفري قِرَاءَة وتلاوة قَالَ: أَخْبرنِي وَالِدي كَذَلِك قَالَ: أَخْبرنِي أَبُو مُحَمَّد بن الْمُوفق الأندلسي كَذَلِك قَالَ: قرأته وتلوت بمضمنه على كل من الشَّيْخَيْنِ الْإِمَامَيْنِ أبي عبد الله مُحَمَّد بن سعيد بن مُحَمَّد الْمرَادِي وَأبي عبد الله مُحَمَّد بن أَيُّوب بن [مُحَمَّد بن نوح الغافقي] وَمن طَرِيق ابْن سَلمُون قَرَأت بِهِ وَبِغَيْرِهِ جَمِيع الْقُرْآن الْعَظِيم على الشَّيْخ الإِمَام شيخ مَشَايِخ الإقراء أبي الْمَعَالِي بن أبي الْعَبَّاس الدِّمَشْقِي، ثمَّ حَدثنِي بِهِ من لَفظه قَالَ: قَرَأت بمضمنه على الشَّيْخ الإِمَام أبي عبد الله مُحَمَّد بن جَابر الْقَيْسِي وحَدثني بِهِ من لَفظه قَالَ: أَخْبرنِي بِهِ
1 / 99
أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن [الْحسن بن الغماز الْأنْصَارِيّ] . قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ: [أخبرنَا بِهِ] أَبُو الْحسن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مُحَمَّد بن سَلمُون البلسني سَمَاعا، قَالَ كل من الشاطبي والحصار والمرادي والغافقي وَابْن سَلمُون: أخبرنَا بِهِ الشَّيْخ الإِمَام أَبُو الْحسن عَليّ بن مُحَمَّد بن عَليّ بن هُذَيْل البلسني سَمَاعا [وتلاوة وَقِرَاءَة]، بمضمنه سوى ابْن فتلاوة بِرِوَايَة ورش فَقَط [وَقَرَأَ] ابْن هُذَيْل بمضمنه على الإِمَام / أبي دَاوُد سُلَيْمَان بن نجاح الْأمَوِي مَوْلَاهُم الأندلسي.
وَأَعْلَى من هَذَا بِدَرَجَة أَخْبرنِي بِهِ الشَّيْخ الْأَصِيل أَبُو الْعَبَّاس أَحْمد بن مُحَمَّد بن مُحَمَّد الْمصْرِيّ قِرَاءَة مني عَلَيْهِ بِالْقَاهِرَةِ المحروسة قَالَ: [أَخْبرنِي بِهِ أَبُو فَارس عبد الْعَزِيز بن عبد الرَّحْمَن بن عبد الْوَاحِد بن زكنون] التّونسِيّ قِرَاءَة عَلَيْهِ قَالَ:
1 / 100
أَخْبرنِي [أَبُو بكر مُحَمَّد] ابْن مُحَمَّد بن أَحْمد بن مشليون البلنسي سَمَاعا [عَن] أبي بكر مُحَمَّد بن أَحْمد بن [عبد الْملك] بن مُوسَى بن أبي جَمْرَة بالراء الْمُهْملَة المرسي، قَالَ: أَخْبرنِي وَالِدي سَمَاعا.
ح وقرأته أجمع على الشَّيْخ المعمر أبي عَليّ الْحسن بن أَحْمد بن هِلَال الصَّالِحِي بِجَامِع دمشق قَالَ أخبرنَا الإِمَام أَبُو الْحسن عَليّ بن أَحْمد بن عبد الْوَاحِد الْمَقْدِسِي
1 / 101
مشافهة، أخبرنَا الْعَلامَة أَبُو الْيمن زيد بن الْحسن بن زيد الْكِنْدِيّ سَمَاعا لأحرف الْخلاف وإجازة قَالَ: أخبرنَا الْأُسْتَاذ أَبُو مُحَمَّد " عبد الله بن عَليّ بن أَحْمد الْبَغْدَادِيّ تِلَاوَة وإجازة [و] قَرَأَهُ [أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ] " على أبي مُحَمَّد عبد الْحق بن أبي مَرْوَان الأندلسي الْمَعْرُوف بِابْن الثَّلْجِي بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام سنة خَمْسمِائَة قَالَ كل من أبي دَاوُد وَأحمد بن أبي جَمْرَة وَابْن الثَّلْجِي أخبرنَا الإِمَام الْحَافِظ أَبُو عَمْرو عُثْمَان بن سعيد الداني قِرَاءَة وتلاوة وسماعا لأبي دَاوُد وإجازة لِابْنِ أبي جَمْرَة. وسماعا لِابْنِ الثَّلْجِي، قَالَ ﵀ [تَعَالَى]:
الْحَمد لله المتفرد بالدوام، المتطول بالإنعام، خَالق الْخلق بقدرته، ومدبر الْأَمر بِحِكْمَتِهِ، لَا راد لأَمره وَلَا معقب لحكمه وَهُوَ سريع الْحساب، أَحْمَده على جَمِيع نعمه، وأشكره على تتَابع آلائه ومننه، وأسأله الْمَزِيد من إنعامه، والجزيل من إحسانه، وَصلى الله على البشير النذير [السراج] الْمُنِير نَبينَا مُحَمَّد ﷺ َ - وعَلى آله الطيبين الطاهرين وَسلم تَسْلِيمًا كثيرا
1 / 102
أما بعد: فَإِنَّكُم سَأَلْتُمُونِي أحسن الله إرشادكم أَن أصنف لكم كتابا مُخْتَصرا فِي مَذَاهِب الْقُرَّاء السَّبْعَة (بل الْعشْرَة) بالأمصار يقرب عَلَيْكُم متناوله ويسهل عَلَيْكُم حفظه ويخف عَلَيْكُم درسه ويتضمن من الرِّوَايَات والطرق مَا اشْتهر وانتشر عِنْد التالين وَصَحَّ وَثَبت عِنْد المتصدرين من الْأَئِمَّة الْمُتَقَدِّمين فأجبتكم / إِلَى مَا سألتموه وأعملت نَفسِي فِي تصنيف مَا رغبتموه، على النَّحْو الَّذِي أردتموه، واعتمدت فِي ذَلِك على الإيجاز والاختصار وَترك التَّطْوِيل والتكرار، وَقربت الْأَلْفَاظ وهذبت التراجم ونبهت على الشىء بِمَا يُؤَدِّي [عَن] حَقِيقَته من غير استغراق لكَي يُوصل إِلَى ذَلِك فِي يسر ويتحفظ فِي قرب [وَذكرت] عَن كل وَاحِد من الْقُرَّاء رِوَايَتَيْنِ [فَذكرت] عَن نَافِع رِوَايَة قالون وورش وَعَن ابْن كثير رِوَايَة [قنبل والبزي] عَن أصحابهما عَنهُ وَعَن أبي عَمْرو رِوَايَة أبي عمر [الدوري] وَأبي شُعَيْب [السُّوسِي] عَن اليزيدي عَنهُ، وَعَن ابْن عَامر رِوَايَة [ابْن ذكْوَان وَهِشَام] عَن أصحابهما عَنهُ، وَعَن عَاصِم رِوَايَة أبي بكر وَحَفْص عَنهُ، وَعَن حَمْزَة رِوَايَة خلف وخلاد عَن سليم عَنهُ وَعَن الْكسَائي رِوَايَة أبي عمر [الدوري] وَأبي الْحَارِث [عَنهُ] فَتلك أَربع عشرَة رِوَايَة [عَنْهُم] .
1 / 103
قلت: وَعَن أبي جَعْفَر رِوَايَة عِيسَى بن وردان وَسليمَان بن جماز [عَنهُ]، وَعَن يَعْقُوب رِوَايَة رويس وروح [عَنهُ] وَعَن خلف رِوَايَة إِسْحَاق الْوراق وَإِدْرِيس الْحداد [عَنهُ] فَتلك سِتّ رِوَايَات تَتِمَّة عشْرين رِوَايَة وَالله الْمُوفق. هِيَ المتلو بهَا والمعول عَلَيْهَا، فَإِذا اخْتلف عَنْهُم ذكرت الرَّاوِي باسمه، وأضربت عَن ذكر [اسْم] الإِمَام وَإِذا اتّفقت ذكرت الإِمَام باسمه، وَإِذا اتّفق نَافِع وَابْن كثير قلت: [قَرَأَ] الحرميان، وَإِذا اتّفق عَاصِم وَحَمْزَة وَالْكسَائِيّ وَخلف قلت: قَرَأَ الْكُوفِيُّونَ، طلبا للتقريب على الطالبين ورغبة فِي التَّيْسِير على المبتدئين، وعَلى الله [تَعَالَى] أعْتَمد [وَبِه أَعْتَصِم وَعَلِيهِ أتوكل] وَهُوَ حسبي وَإِلَيْهِ أنيب. [قَالَ أَبُو عَمْرو]:
فَأول مَا أفْتَتح [بِهِ] كتابي هَذَا بِذكر أَسمَاء الْقُرَّاء والناقلين عَنْهُم وأنسابهم وَكُنَاهُمْ وموتهم وبلدانهم واتصال قراءتهم وَتَسْمِيَة رِجَالهمْ واتصال قراءتنا نَحن بهم وَتَسْمِيَة من أَدَّاهَا إِلَيْنَا [مِنْهُم] رِوَايَة وتلاوة، ثمَّ اتبع ذَلِك بِذكر مذاهبهم وَاخْتِلَافهمْ إِن شَاءَ الله تَعَالَى، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق.
1 / 104
(بَاب ذكر أَسمَاء الْقُرَّاء والناقلين عَنْهُم وأنسابهم [وَكُنَاهُمْ وبلدانهم] وموتهم)
نَافِع الْمدنِي: هُوَ نَافِع بن عبد الرَّحْمَن / بن أبي نعيم مولى جَعونَة بن شعوب اللَّيْثِيّ حَلِيف حَمْزَة بن عبد الْمطلب، أَصله من [أَصْبَهَان] ويكنى أَبَا رُوَيْم [وَقيل أَبَا الْحسن] وَقيل أَبَا عبد الرَّحْمَن وَتوفى بِالْمَدِينَةِ سنة تسع وَسِتِّينَ وَمِائَة.
وقالون: هُوَ عِيسَى بن [مينا الْمدنِي] مولى الزهريين ومعلم الْعَرَبيَّة، ويكنى أَبَا مُوسَى، وقالون لقب [لَهُ] ويروى أَن نَافِعًا لقبه بِهِ لجودة قِرَاءَته، لِأَن قالون بِلِسَان الرّوم (جيد) وَتُوفِّي بِالْمَدِينَةِ قَرِيبا من سنة عشْرين وَمِائَتَيْنِ، قلت: بل سنة عشْرين تَحْقِيقا، وَقَول الْأَهْوَازِي سنة خمس وَثَلَاثِينَ غلط، وَالله الْمُوفق.
1 / 105
[وورش] هُوَ عُثْمَان بن سعيد الْمصْرِيّ ويكنى أَبَا سعيد وورش [لقب] لقب بِهِ فِيمَا يُقَال لشدَّة بياضه، وَتُوفِّي بِمصْر سنة سبع وَمِائَة، وورش [هُوَ] مَأْخُوذ من الورش، والورش شَيْء أَبيض يصنع من اللَّبن، وَقيل: هُوَ مَأْخُوذ من ورشت الطَّعَام ورشا إِذا تناولت مِنْهُ يَسِيرا.
ابْن كثير [الْمَكِّيّ]: هُوَ عبد الله [بن كثير] الدَّارِيّ مولى عَمْرو بن عَلْقَمَة الْكِنَانِي، [والداري]: الْعَطَّار ويكنى أَبَا معبد، وَهُوَ من التَّابِعين وَتُوفِّي بِمَكَّة سنة عشْرين وَمِائَة.
وقنبل: هُوَ مُحَمَّد بن عبد الرَّحْمَن بن مُحَمَّد بن [خَالِد] بن سعيد بن جرجة الْمَكِّيّ المَخْزُومِي ويكنى أَبَا عمر ويلقب قنبلا، وَيُقَال: هم أهم بَيت بِمَكَّة يعْرفُونَ بالقنابلة، وَتُوفِّي بِمَكَّة [بعد] سنة ثَمَانِينَ وَمِائَتَيْنِ، قلت: بل سنة إِحْدَى وَتِسْعين وَمِائَتَيْنِ وَالله الْمُوفق.
1 / 106
والبزي: هُوَ أَحْمد بن مُحَمَّد بن عبد الله بن الْقَاسِم بن نَافِع بن أبي بزَّة الْمُؤَذّن الْمَكِّيّ مولى لبني مَخْزُوم ويكنى أَبَا الْحسن وَيعرف بالبزي وَتُوفِّي بِمَكَّة [بعد] سنة أَرْبَعِينَ وَمِائَتَيْنِ، قلت: بل سنة خمسين وَالله الْمُوفق. روى قنبل والبزي الْقِرَاءَة عَن ابْن كثير بِإِسْنَاد.
أَبُو عَمْرو الْبَصْرِيّ: هُوَ أَبُو عَمْرو بن الْعَلَاء بن عمار بن عبد الله بن الْحصين بن الْحَارِث بن جلهم بن خزاعي بن مَازِن بن مَالك بن عَمْرو بن تَمِيم، وَقيل: اسْمه زبان، وَقيل: الْعُرْيَان، وَقيل: يحيى، وَقيل: اسْمه كنيته، وَقيل غير ذَلِك، وَتُوفِّي بِالْكُوفَةِ سنة أَربع وَخمسين / وَمِائَة.
[وَأَبُو وَعمر] هُوَ حَفْص بن عمر بن عبد الْعَزِيز بن صهْبَان الْأَزْدِيّ الدوري النَّحْوِيّ، والدور مَوضِع بِبَغْدَاد، [وَتُوفِّي] فِي حُدُود سنة خمسين وَمِائَتَيْنِ، قلت: بل سنة سِتّ وَأَرْبَعين [فِي شَوَّال] وَغلط من قَالَ سنة ثَمَان ورأربعين وَالله الْمُوفق.
وَأَبُو شُعَيْب هُوَ صَالح بن زِيَاد بن عبد الله بن إِسْمَاعِيل [الرستبي] السُّوسِي. قلت: توفّي فِي أول سنة إِحْدَى وَسِتِّينَ وَمِائَتَيْنِ وَالله الْمُوفق. رويا الْقِرَاءَة عَن أبي مُحَمَّد يحيى
1 / 107
ابْن الْمُبَارك الْعَدوي الْمَعْرُوف باليزيدي عَنهُ، وَقيل لَهُ اليزيدي لصحبته يزِيد بن مَنْصُور خَال [الْمهْدي]، وَتُوفِّي بخراسان سنة [اثْنَتَيْنِ] وَمِائَتَيْنِ.
ابْن عَامر الشَّامي: هُوَ عبد الله بن عَامر الْيحصبِي قَاضِي دمشق فِي خلَافَة الْوَلِيد بن عبد الْملك ويكنى أَبَا عمرَان وَهُوَ من التَّابِعين، وَلَيْسَ فِي الْقُرَّاء السَّبْعَة [وَلَا الْعشْرَة] من الْعَرَب غَيره [وَغير أبي عَمْرو، وَالْبَاقُونَ هم موَالٍ] [وَتُوفِّي] بِدِمَشْق سنة ثَمَان عشرَة وَمِائَة.
وَابْن ذكْوَان: هُوَ عبد الله بن أَحْمد بن بشير بن ذكْوَان الْقرشِي الدِّمَشْقِي ويكنى أَبَا عَمْرو وَتُوفِّي بهَا سنة اثْنَتَيْنِ وَأَرْبَعين [وَمِائَتَيْنِ] .
1 / 108