التَّحبير لإيضَاح مَعَاني التَّيسير (*)
تَأليف
العَلاّمَة محمَّد بن إسمَاعيل الأمير
حَقّقه وعَلقّ عَليه وَخَرّجَ أحَاديثَه وَضبَط نصَّه
محَمَّد صُبْحي بن حَسَن حَلّاق أبو مَصْعَب
الجُزء الأول
مَكتَبَةُ الرُّشد
ناشرون
_________
(*) العنوان في (أ): التحبير حاشية التيسير.
وفي (ج): التحبير شرح التيسير.
والمثبت من المخطوط (ب).
1 / 1
جميع الحقوق محفوظة
الطبعة الأولى
١٤٣٣ هـ - ٢٠١٢ م
مَكتَبَةُ الرُّشد - ناشرون
المملكة الْعَرَبيَّة السعودية - الرياض
الإدارة: مركز البستان - طريق الملك فهد هاتف ٤٦٠٤٨١٨
ص. ب. ١٧٥٢٢ الرياض ١١٤٩٤ - فاكس ٤٦٠٢٤٩٧
E-mail:[email protected]
Website:www.rushd.com.sa
فروع المكتبة داخل المملكة
- الرياض: المركز الرئيسي: الدائري الغربي، بين مخرجي ٢٧ و٢٨ هاتف: ٤٣٢٩٣٣٢
- الرياض: فرع طريق عثمان بن عفان، هاتف: ٢٦٩٠٤٤٤ - ٢٠٥١٥٠٠
- فرع مكة المكرمة: شارع الطائف هاتف: ٥٥٨٥٤٠١ فاكس: ٥٥٨٣٥٠٦
- فرع المدينة المنورة: شارع أبي ذر الغفاري هاتف: ٨٣٤٠٦٠٠ فاكس: ٨٣٨٣٤٢٧
- فرع جدة: مقابل ميدان الطائرة هاتف: ٦٧٧٦٣٣١ فاكس: ٦٧٧٦٣٥٤
- فرع القصيم: بريدة - طريق المدينة هاتف: ٣٢٤٢٢١٤ فاكس: ٣٢٤١٣٥٨
- فرع أبها: شارع الملك فيصل: هاتف: ٢٣١٧٣٠٧ فاكس: ٢٢٤٢٤٠٢
- فرع الدمام: شارع الخزان هاتف: ٨١٥٠٥٦٦ فاكس: ٨٤١٨٤٧٣
- فرع حائل: هاتف: ٥٣٢٢٢٤٦ فاكس: ٥٦٦٢٢٤٦
- فرع الإحساء: هاتف: ٥٨١٣٠٢٨ فاكس: ٥٨١٣١١٥
- فرع تبوك: هاتف: ٤٢٤١٦٤٠ فاكس: ٤٢٣٨٩٢٧
- فرع القاهرة: شارع إبراهيم أبو النجا - مدينه نصر: هاتف: ٢٢٧٢٨٩١١ - فاكس: ٢٢٧١٢٦٢٥
مكاتبنا بالخارج
- القاهرة: مدينة نصر هاتف: ٢٧٤٤٦٠٥ - موبايل: ٠١٠٠١٦٢٢٦٥٣
- بيروت: بئر حسن موبايل: ٥٥٤٣٥٣/ ٠٣ - تلفاكس: ٤٦٢٨٩٥/ ٠٥
1 / 2
التَّحبير
لإيضَاح مَعَاني التَّيسير
- ١ -
الجزء الأول
1 / 3
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 4
أولًا: مقدمة المحقق
إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أنَّ محمدًا عبده ورسوله.
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (١٠٢)﴾ [آل عمران: ١٠٢]
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (١)﴾ [النساء: ١]
﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا (٧٠) يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا (٧١)﴾ [الأحزاب: ٧٠ - ٧١].
أما بعد: فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
وبعد:
فالسنة النبوية هي التي فصلت الفروع، وأتمت بيان الكثير منها، وهي التي وضعت القواعد ليبنى عليها ما يَجّد للناس من أحداث.
وقد أجمع المسلمون على أن السنة النبوية متى ثبتت عن النبي ﷺ كانت حجة في الدين ودليلًا من أدلة الأحكام، وجب اتباعها، والرجوع إليها، والعمل بمقتضاها.
فلأهمية السنة النبوية وضرورتها، اعتنى العلماء اعتناءً بالغًا بالحفاظ عليها فألفوا المصنفات العديدة فيها، كالجوامع والسنن والمسانيد والمستخرجات وغيرها ... كما صنفوا
1 / 5
كتبًا تبين قواعد وقوانين قبول ورد الروايات المذكورة في كتب السنة، وتوضيح مختلف العلوم المتعلقة بأسانيدها ومتونها، وسميت بكتب علم أصول الحديث.
والسنة لغة: السيرة حسنة كانت أو قبيحة (١)، قال خالد بن عُتبة الهذلي:
فلا تجزعَنْ من سيرة أنت سِرتها ... فأوَّلُ راضٍ سنة من يسيرُها
وفي التنزيل العزيز: ﴿وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى وَيَسْتَغْفِرُوا رَبَّهُمْ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ﴾ (٢) قال الزجاج: سنة الأولين أنهم عاينوا العذاب، فطلب المشركون أن قالوا: ﴿اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ﴾ (٣).
وفي الحديث: "من سَنَّ في الإسلام سنةً حسنةً فله أجرُهَا، وأجرُ من عمل بها بعده، من غير أن ينقص من أجورهم شيء، ومن سنَّ في الإسلام سنة سيئة، كان عليه وزرها، ووزر من عمل بها من بعده، من غير أن ينقص من أوزارهم شيء" (٤).
وإذا أطلقت في الشرع فإنما يراد بها ما أمَر به النبي ﷺ، ونَهى عنه وندب إليه قولًا وفعلًا مما لم ينطق به الكتاب العزيز، ولهذا يقال في أدلة الشرع: الكتاب والسنة، أي: القرآن والحديث.
_________
(١) قال ابن منظور في لسان العرب (١٣/ ٢٢٥): مادة: سنن.
(٢) الكهف: (٥٥).
(٣) الأنفال: (٣٢).
(٤) أخرجه مسلم رقم (٧٠٤).
1 / 6
فلذا أوجب الله على المسلمين اتباع الرسول ﷺ فيما يأمر وينهى، فقال تعالى: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾ (١)، أي: ما أعطاكم الرسول ﷺ من الفيء فخذوه لكم حلال، وما نهاكم عن أخذه فانتهوا، واتقوا الله في أمر الفيء، إن الله شديد العقاب على ما نهاكم عنه الرسول. هذا هو المعنى الأصلي للآية الذي يدلّ عليه السياق.
ولكن الآية عامّة في كل شيء يأتي به رسول الله ﷺ من أمر أو نهي أو قول أو فعل، وإن كان السبب خاصًا فالاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وكل شيء أتانا به من الشرع فقد أعطانا إيّاه وأوصله إلينا.
فهذه الآية الكريمة نصٌ صريح في أن كل ما أتانا به رسول الله ﷺ وبلغه إلينا من الأوامر وغيرها، سواء كانت مذكورة في الكتاب، أي: القرآن المجيد، أو السنة، أي: كل ما صحّ رفعه إلى النبي ﷺ، واجب علينا قبوله، وكذا كل ما نهانا عنه من المنهيات والمنكرات المبينة في الكتاب أو السنة، واجب علينا اجتنابه والانتهاء عنه (٢).
وعن عبد الله بن مسعود قال: "لعن الله الواشمات والمستوشمات (٣)، والنامصات والمتنمصات (٤)، والمتفلجات (٥) للحسن المغيرات خلق الله، قال: فبلغ ذلك امرأة من بني أسد
_________
(١) الحشر: (٧).
(٢) "الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (١٨/ ١٧ - ١٩).
(٣) الواشمة: فاعلة الوشم، وهي أن تغرز إبرة أو مسلة أو نحوهما في ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك من بدن المرأة حتى يسيل الدم، ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر فإن طلبت فعل ذلك بها فهي مستوشمة.
(٤) هي التي تزيل الشعر من الوجه والمتنمصة: التي تطلب فعل ذلك بها.
(٥) المتفلجات: هن اللواتي يعالجن أسنانهن بعد ما شرعن في السن حتى يكون لها تحدد ورقة وأشر فيشبهن بالشواب.
1 / 7
يقال لها: أم يعقوب، وكانت تقرأ القرآن، فأتته فقالت: ما حديث بلغني عنك أنك لعنت الواشمات، والمستوشمات والمتنمصات، والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله، فقال عبد الله: وما لي لا ألعن من لعن رسول الله ﷺ وهو في كتاب الله، فقالت المرأة: لقد قرأت ما بين لوحي المصحف فما وجدته فقال: لئن كنت قرأتيه لقد وجدتيه، قال الله ﷿: ﴿وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا﴾، فقالت المرأة: فإنّي أرى شيئًا من هذا على امرأتك الآن قال: اذهبي فانظري، قال: فدخلت على امرأة عبد الله فلم تر شيئًا فجاءت إليه، فقالت: ما رأيت شيئًا فقال: أما لو كان ذلك لم نجامعها (١) " (٢).
وقال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ (٣)، والمعنى: إن اختلفتم أيها المؤمنون في شيء من أمر دينكم، فردوه إلى الله - أي فارتادوا معرفة حكم ذلك الذي استجرتم فيه من كتاب الله، فإن لم تجدوا علم ذلك في كتاب الله، فارتادوا معرفة ذلك عند رسول الله ﷺ إن كان حيًا، أو بالنظر في سنته إن كان ميتًا (٤).
وحدَّث أبو هريرة ﵁ أنه سمعَ رسول الله ﷺ يقول: "ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم، فإنما أهلك الذين من قبلكم كثرة مسائلهم، واختلافهم على أنبيائهم" (٥).
_________
(١) أي: لم نصاحبها، ولم نجتمع نحن وهي بل كنا نطلقها ونفارقها.
(٢) أخرجه مسلم (١٤/ ١٠٥ - ١٠٧/ شرح النووي).
(٣) النساء: (٥٩).
(٤) الجامع لأحكام القرآن للقرطبي (٥/ ٢٦١ - ٢٦٢).
(٥) أخرجه مسلم رقم (١٣٣٧).
1 / 8
وقد حذر الله تعالى من مخالفة أمر رسول الله ﷺ فقال: ﴿فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٦٣)﴾ (١).
وعن أبي موسى ﵁، عن النبي ﷺ قال: "إنما مثلي ومثلُ ما بعثني الله به كمثل رجل أتى قومًا فقال: يا قوم! إني رأيتُ الجيش بعينيَّ، وإني أنا النذير العُرْيان (٢)، فالنجاء، فأطاعه طائفة من قومه فأدلجوا (٣)، فانطلقوا على مهلهم فنجوا، وكذبت طائفة منهم، فأصبحوا مكانهم، فصبحهم الجيش فأهلكهم واجتاحهم، فذلك مثل من أطاعني فاتبع ما جئت به، ومثلُ من عصاني وكذب بما جئت به من الحق" (٤).
واعتبر من علامات النفاق، الإعراض عن تحكيم الرسول ﷺ في مواطن الخلاف، فقال تعالى: ﴿وَإِذَا دُعُوا إِلَى اللَّهِ وَرَسُولِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ مُعْرِضُونَ (٤٨) وَإِنْ يَكُنْ لَهُمُ الْحَقُّ يَأْتُوا إِلَيْهِ مُذْعِنِينَ (٤٩) أَفِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَمِ ارْتَابُوا أَمْ يَخَافُونَ أَنْ يَحِيفَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَرَسُولُهُ بَلْ أُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (٥٠)﴾ (٥).
_________
(١) النور: (٦٤).
(٢) هو رجل من خثعم، حمل عليه يومَ ذي الخَلَصة ... فقطع يده ويد امرأته، ... "لسان العرب" (١٥/ ٤٨). أو هو ربيئة القوم وعينهم يكون في مكانٍ عالٍ، فإذا رأى العدو قد أقبل نزع ثوبه وألاح به لينذر قومه ويبقى عريانًا. "النهاية في غريب الحديث" (٣/ ٢٢٥).
(٣) أي: ساروا من أول الليل.
(٤) أخرجه البخاري رقم (٧٢٨٣)، ومسلم رقم (٢٢٨٣).
(٥) النور: (٤٨ - ٥٠).
1 / 9
وأقسم تعالى على نفي إيمان من لم يحكم الرسول ﷺ، فقال تعالى: ﴿فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (٦٥)﴾ (١).
وأخيرًا فمهمة الرسول ﷺ بالنسبة للقرآن الكريم تبيين المجمل، وتفسير المشكل، وتخصيص العام، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ (٤٤)﴾ (٢). فبيان الرسول وتفسيره ﷺ في أحاديثه، ومن المعلوم أن الأخذ بهذه الأحاديث والعمل بمقتضاها واجب علينا.
واعلم أخي المسلم علمًا جازمًا لا يداخله الشك أننا لن نضل عن الطريق المستقيم، ولن نتيه في شعاب الباطل، ما دمنا متمسكين بكتاب الله العزيز، وبسنة الرسول الكريم. قال ﷺ: "أيها الناس! فإنما أنا بشر يوشك أن يأتي رسول ربي فأجيب، وأنا تارك فيكم ثقلين (٣): (أولهما): كتاب الله فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله، واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه ثم قال: وأهل بيتي (٤) أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي" (٥).
_________
(١) النساء: (٦٥).
(٢) النحل: (٤٤).
(٣) سماهما ثقلين: لأن الأخذ بهما والعمل بهما ثقيل، أو إعظامًا لقدرهما وتفخيمًا لشأنهما. "النهاية: ١/ ٢١٦".
(٤) لأنهم لم يعملوا إلا بسنتي، فالإضافة إليهم، إمّا لعملهم بها، أو لاستنباطهم واختيارهم إيّاها. فلذا ذُكِرَ أهل البيت في مقابل القرآن في هذا الحديث. انظر المرقاة للقاري (١/ ١٩٩).
(٥) أخرجه الإمام مسلم (١٥/ ١٧٩، ١٨٠ - شرح النووي)، من حديث زيد بن أرقم. والطحاوي في مشكل الآثار (٤/ ٣٦٨)، وابن أبي عاصم في "السنة" (١٥٥٠ و١٥٥١)، وأحمد في المسند (٤/ ٣٦٦ - ٣٦٧).
1 / 10
وقال ﷺ: "يا أيها الناس! إني قد تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدًا كتاب الله وسنة نبيه ﷺ"، وهو حديث صحيح (١).
ومن خالف الكتاب والسنة فقد ضل ضلالًا بعيدًا، وخسر خسرانًا مبينًا.
وأن العاقد عليهما بكلتا يديه مستمسك بالعروة الوثقى، ظافر بكل الخير دنيا وأخرى.
وإن السنة النبوية من الذكر، وإنها محفوظة عن الضياع، ومأمونة من الاختلاط بغيرها، بالأدلة الآتية:
١ - قال تعالى واصفًا رسول الله ﷺ: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)﴾ (٢). فصح لنا بذلك أن الوحي من الله إلى رسوله ﷺ ينقسم إلى قسمين:
أحدهما: وحي متلو مؤلف تأليفًا معجز النظم والتأليف وهو القرآن الكريم.
والثاني: وحي موحىً بمعناه، غير معجز النظم ولا متعبَّد بتلاوته، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ﴾ (٣)، فأخبر تعالى كما قدمنا أنّ كلام نبيه ﷺ كله وحي، والوحي بلا خلاف ذكر، والذكر محفوظ بنصّ القرآن.
قال تعالى: ﴿إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (٩)﴾ (٤)، فثبت بذلك أنّ كلامه ﷺ محفوظ بحفظ الله، مضمون لنا، وأنه لا يضيع منه شيء ولا يحرَّف منه شيء أبدًا تحريفًا لا يأتي البيان ببطلانه.
_________
(١) أخرجه الحاكم (١/ ٩٣) من حديث ابن عباس. وصححه ووافقه الذهبي. وانظر طرق الحديث في "الصحيحة" (٤/ ٣٥٥ - ٣٦١) للألباني.
(٢) النجم: (٣ - ٤).
(٣) الأنبياء: (٤٥).
(٤) الحجر: (٩).
1 / 11
٢ - الرسول ﷺ مأمور ببيان القرآن للناس بنصّ القرآن الصريح، قال تعالى: ﴿وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ﴾ (١)؛ لأن في القرآن مجملًا ومطلقًا وعامًا ومشكلًا، فلا بد من تفصيل المجمل، وتقييد المطلق، وتخصيص العام، وتوضيح المشكل بأحاديث رسول الله ﷺ وبيانه، فإن كان بيانه ﷺ غير محفوظ فقد بطل الانتفاع بنص القرآن، وبالتالي بطلت أكثر الشرائع المفروضة علينا فيه، لجهلنا بمراد الله تعالى منها.
٣ - إن الله تعالى جعل محمدًا ﷺ خاتم أنبيائه ورسله، وجعل شريعته الشريعة الخاتمة، وكلف الناس بالإيمان به، واتّباع شريعته إلى يوم القيامة، ونسخ كل شريعة تخالفها، فمما تقتضيه إقامة حجة الله على خلقه أن يبقى دينه ﷺ، ويحفظ شرعه، إذ من المحال أن يكلف الله عباده بأن يتبعوا شريعة معرضة للزوال أو الضياع، ومعلوم أنّ المرجعين الأساسيين للشريعة الإسلامية هما القرآن والسنة، قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ﴾ (٢). فحجة الله على عباده لا تقوم إلا بحفظ رسالته وشرعه، وهذا الحفظ لا يتم إلا بحفظ الكتاب والسنة (٣).
واعلم أخي المسلم: أن المسلمين حفظوا السنة في صدورهم وصحفهم، فساهمت الذاكرة والأقلام والصحف في حفظ السنة المطهرة، وسار الحفظ في الصدور وفي الصحف جنبًا إلى جنب في سبيل هذه الغاية.
فحفظت السنة على أسلم القواعد العلمية، واهتم بها المسلمون اهتمامهم بالقرآن الكريم، لأنها المصدر الثاني للتشريع، وستبقى محفوظة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
_________
(١) النحل: (٤٤).
(٢) النساء: (٥٩).
(٣) انظر: "الإحكام في أصول الأحكام" لابن حزم (١/ ٩٦ - ٩٩).
1 / 12
والكتاب الذي أقدمه القراء - هو أحد تلك المؤلفات الطيبة المفيدة للإمام العلامة محمد بن إسماعيل الأمير الذي شرح فيه كتاب "تيسير الوصول إلى جامع الأصول" للشيخ العلامة ابن الديبع، والذي اختصره من "جامع الأصول" لابن الأثير. والتي جمع فيها الأصول الستة المعتمدة عند الفقهاء والمحدثين: الموطأ - صحيح البخاري - صحيح مسلم - سنن أبي داود - سنن الترمذي - سنن النسائي - التي حوت معظم ما صح عن النبي الكريم، فجمعها وأدمجها كلها في مؤلف واحد، بعد أن رتَّبها وهذَّبها، وذلل صعابها، وقرب نفعها، وافتتحه بمقدمة ضافية فصل فيها الطريقة التي اتبعها في تصنيف الكتاب، وذكر جل قواعد مصطلح الحديث التي تمس الحاجة إلى معرفتها، وختمها بتراجم الأئمة الستة الذين جمع كتبهم في تأليفه هذا.
فجاء فذًّا في بابه، لم ينسج أحد - فيما نعلم على منواله.
ولكن العلامة محمد بن إسماعيل الأمير لم يكمل الشرح، فقد وافته المنية قبل إتمامه، نسأل الله لنا وله وللمسلمين أجمعين العفو والعافية والمعافاة الدائمة في الدنيا والآخرة.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
وكتبه:
محمد صبحي بن حسن حلاق
أبو مصعب
صنعاء ١٣/ ١١/ ١٤٢٨ هـ
الموافق ٢٣/ ١١/ ٢٠٠٧ م
1 / 13
ثانيًا: ترجمة المؤلف محمد بن إسماعيل الأمير
١ - اسمه ونسبه:
هو محمد بن إسماعيل بن صلاح بن محمد بن علي بن حفظ الدين بن شرف الدين بن صلاح بن الحسن بن المهدي بن محمد بن إدريس بن علي بن محمد بن أحمد بن يحيى بن حمزة بن سليمان بن حمزة بن الحسن بن عبد الرحمن بن يحيى بن عبد الله بن الحسين (١) بن القاسم بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (٢).
٢ - مولده:
ولد بمدينة كحلان (٣)، وإليها ينسب، فيقال: الكحلاني، ليلة الجمعة منتصف جمادى الآخرة، سنة تسع وتسعين وألف (١٠٩٩ هـ) (٤).
٣ - نشأته:
قال الشوكاني (٥): لما كان عام (١١٠٧ هـ) سبعة ومائة وألف من الهجرة، انتقل والده وأهله إلى صنعاء، وسنه ثمان سنوات، فنشأ بها، وتعهده أبوه بالتربية والتعليم، وأسلمه إلى النحارير من أهل العلم، حتى تخرج عليهم عالمًا فاضلًا يشار إليه بالبنان.
_________
(١) يلتقي نسبه مع نسب مؤلف "التنقيح" - ابن الوزير - في الحسين بن القاسم. انظر: العواصم والقواصم (١/ ١٠١).
(٢) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٣).
(٣) كحلان: مدينة جبلية في الشرق الشمالي من حجة بمسافة (١٧ كم).
(٤) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٣).
(٥) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٣).
1 / 14
٤ - مشايخه:
ذكر الشوكاني (١): أربعة من مشائخه بصنعاء وهم:
١ - السيد العلّامة - زيد بن محمد بن الحسن بن القاسم بن محمد، المحقق الكبير شيخ مشايخ صنعاء في عصره في العلوم (١٠٧٥ - ١١٢٣ هـ) (٢).
٢ - السيد العلامة - صلاح بن الحسين الأخفش الصنعاني، العالم المحقق الزاهد المشهور المتقشف المتعفف، كان لا يأكل إلا من عمل يده، وله في إنكار المنكر مقامات محمودة، وهو مقبول القول، عظيم الحرمة، مهاب الجناب، وكان لا يخاف في الله لومة لائم. (ت: ١١٤٢ هـ) (٣).
٣ - السيد العلّامة - عبد الله بن علي بن أحمد بن محمد بن عبد الإله بن أحمد بن إبراهيم، برع في العلوم الآلية والتفسير (١٠٧٤ - ١١٤٧ هـ)، وقيل: (ت: ١١٤٤ هـ) (٤).
٤ - القاضي العلامة - علي بن محمد بن أحمد العنسي الصنعاني الشاعر البليغ القاضي المشهور، كان له تعلق بالعلم وتدريس في فنون قرأ عليه في النحو والمنطق. (ت: ١١٣٩ هـ) (٥).
- ولم يذكر الشوكاني من مشايخه غير هؤلاء الأربعة، كما لم يذكر بالتفصيل العلوم التي درسها عليهم، ولعلَّه اقتصر على أشهر مشايخه أو أوائل من تلقى العلم عنهم، حيث قد ذكر غيره غيرهم.
_________
(١) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٣).
(٢) "البدر الطالع" (١/ ٢٥٣).
(٣) "البدر الطالع" (١/ ٢٩٦).
(٤) "البدر الطالع" (١/ ٣٨٨).
(٥) "البدر الطالع" (١/ ٤٧٥ - ٤٧٦).
1 / 15
- ففي ترجمته في مقدمة "ضوء النهار" (١) قال:
- أخذ عن السيد - صلاح بن حسين في "شرح الأزهار" قبل انتقاله مع أبيه إلى صنعاء.
- وأخذ عن زيد بن محمد بن الحسين - في علوم شتى.
- وأخذ عن السيد الحافظ - هاشم بن يحيى بن أحمد الشامي، أحد العلماء المشاهير والأدباء المجدين (١١٠٤ - ١١٥٨ هـ) (٢).
- وأخذ عن الشيخ عبد الخالق بن الزين الزجاجي الحنفي الزبيدي.
وقد ارتحل إلى مكة والمدينة وغيرها من المناطق، والتقى خلالها بعلماء أفاضل كعبد الرحمن بن أبي الغيث - خطيب المسجد النبوي - وطاهر بن إبراهيم بن حسين الكردي المدني، ومحمد بن عبد الهادي السندي، ومحمد بن أحمد الأسدي، وكان من شيوخه بالحرمين: سالم بن عبد الله البصري. (ت:١١٣٤ هـ).
٥ - تلامذته:
وقد كثر أتباع الصنعاني من الخاصة والعامة، وعملوا باجتهاده، وتظهروا بذلك، وقرءوا عليه كتب الحديث (٣).
وله تلامذة نبلاء علماء منهم:
١ - السيد العلامة: عبد القادر بن أحمد بن عبد القادر بن الناصر، وهو الإمام المحدث الحافظ المسند المجتهد المطلق (١١٣٥ - ١٢٠٧ هـ) (٤).
_________
(١) (١/ ١٦).
(٢) "البدر الطالع" (٢/ ٣٢١).
(٣) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٧).
(٤) "البدر الطالع" (١/ ٣٦٠ - ٣٦٨).
1 / 16
٢ - القاضي العلامة: أحمد بن محمد بن عبد الهادي بن صالح بن عبد الله بن أحمد قاطن. قال الشوكاني: وكان له شغف بالعلم، وله عرفان تام بفنون الاجتهاد على اختلاف أنواعها، وكان له عناية كاملة بعلم السنة. (١١١٨ - ١١٩٩ هـ) (١).
٣ - القاضي العلامة: أحمد بن صالح بن محمد بن أحمد بن صالح، المعروف بابن أبي الرجال، الصنعاني، ولد يوم السبت خامس شهر محرم (١١٤٠ هـ) أربعين ومائة وألف. ومات سنة (١١٩١ هـ) إحدى وتسعين ومائة وألف (٢).
٤ - السيد العلامة: الحسن بن إسحاق بن المهدي. (١٠٩٣ - ١١٦٠ هـ) (٣).
٥ - السيد العلامة: محمد بن إسحاق بن الإمام المهدي أحمد بن الحسن.
قال الشوكاني: هو من أئمة العلم المجمع على جلالتهم، ونبالتهم، وإحاطتهم بعلوم الاجتهاد. ولد سنة (١٠٩٠ هـ) (٤).
٦ - السيد العلامة: الحسين بن عبد القادر بن الناصر بن الناصر بن عبد الرب بن علي. قال الشوكاني: الشاعر المشهور المجيد المكثر المبدع الفائق في الأدب، أشعاره كلها غرر، وكلماته جميعها درر، وهو من محاسن اليمن، ومفاخر الزمن. مات سنة (١١١٢ هـ) (٥).
وقد أكمل منظومة الصنعاني لبلوغ المرام.
- وكان من تلاميذه أبناؤه:
٧ - إبراهيم بن محمد بن إسماعيل:
_________
(١) "البدر الطالع" (١/ ١١٤).
(٢) "البدر الطالع" (١/ ٦١ - ٦٢).
(٣) "البدر الطالع" (١/ ١٩٤).
(٤) "البدر الطالع" (٢/ ١٢٧ - ١٢٨).
(٥) "البدر الطالع" (١/ ٢٢١ - ٢٢٢).
1 / 17
قال الشوكاني عنه: هو من أعيان العلماء، وأكابر الفضلاء، عارف بفنون من العلم لا سيما الحديث والتفسير. (١١٤١ - ١٢١٣ هـ) (١).
٨ - عبد الله بن محمد بن إسماعيل:
قال الشوكاني: برع في النحو والصرف والمعاني والبيان والأصول والحديث والتفسير، وهو أحد علماء العصر المفيدين العاملين بالأدلة، الراغبين عن التقليد، ولا شغلة له بغير العلم والإكباب على كتب الحديث. ولد سنة (١١٦٠ هـ) (٢).
٩ - القاسم بن محمد بن إسماعيل:
قال الشوكاني: وقد برع في علوم الاجتهاد، وعمل بالأدلة، وقال: الحاصل أنه من حسنات الزمان في جميع خصاله. (١١٦٦ - ١٢٤٦ هـ) (٣).
٦ - ورعه وزهده:
إن الصنعاني ﵀ يمثل العالم الورع الزاهد، حاله كحال العلماء الأجلاء ﵏، لا همَّ لهم إلا مغفرة الله وطلب رضوانه، ولا يعني الزهد والورع عدم ممارسة الحياة والبحث عن الرزق، ولكنه يعني الارتفاع من أن تكون الدنيا غرضه وقصده، فيتهافت عليها كتهافت الفراش على النار.
وهو القائل:
وعففت عن أموالهم لا قطعة ... أقطعت أو مكس من الأسواق
أو كيلة من أي مخزان فلا ... أشكو من الخزان والسواق
عرضوا عليَّ وزارة وولاية ... فوقاني الرحمن أفضل واق
_________
(١) "البدر الطالع" (١/ ٤٢٢ - ٤٢٣)، و"ضوء النهار" (١/ ١٩).
(٢) "البدر الطالع" (١/ ٣٩٦ - ٣٩٧).
(٣) "البدر الطالع" (٢/ ٥٢ - ٥٣).
1 / 18
جعل الوزارة والولاية لذتي ... في العلم ربي صادق الميثاق (١)
٧ - وفاته:
مات ﵀ بصنعاء في يوم الثلاثاء، ثالث شعبان، سنة اثنتين وثمانين ومائة وألف، (١١٨٢ هـ - ١٧٦٩ م) (٢).
وقد دفن غربي منارة جامع المدرسة بأعلى صنعاء عن ثلاث وثمانين سنة.
٨ - ثناء العلماء عليه:
- قال عنه الإمام الشوكاني في البدر الطالع (٣): "الإمام الكبير المجتهد المطلق صاحب التصانيف" اهـ.
- وقال الشوكاني عنه أيضًا في البدر الطالع (٤): "برع في جميع العلوم، وفاق الأقران، وتفرد برئاسة العلم في صنعاء، وتظهر بالاجتهاد، وعمل بالأدلة، ونفر عن التقليد، وزيَّف ما لا دليل عليه من الآراء الفقهية" اهـ.
- وقال (٥): "وبالجملة فهو من الأئمة المجددين لمعالم الدّين".
- ووصفه علاّمة زبيد عبد الرحمن بن سليمان الأهدل: بأمير المؤمنين في حديث سيد المرسلين (٦).
_________
(١) من ديوان الصنعاني (ص ٢٩٤).
(٢) "البدر الطالع" (٢/ ١٣٩).
(٣) (٢/ ١٣٣).
(٤) (٢/ ١٣٣).
(٥) الشوكاني في "البدر الطالع" (٢/ ١٣٨).
(٦) النفس اليماني (ص ١٧٩).
1 / 19
- وقال عنه إبراهيم بن عبد الله الحوثي في كتابه "نفحات العنبر في تراجم أعيان القرن الثاني عشر":
"الإمام العلاّمة المجتهد المتقن المتفنن المحدث الحافظ الضابط خاتمة المحققين، سلطان الجهابذة، وأستاذ الأساتذة، صاحب المصنفات المشهورة، سيد العلماء، قدوة العاملين، فخر المفاخرين، المعروف بالبدر الأمير (١).
- وقال عنه العلامة محمد بن إسحاق المهدي، قصيدة تصل إلى أربعة عشر بيتًا منها:
الله درّك يا بن إسماعيلا ... لم تتركن فتى سواك نبيلا
حزت الفخار قليله وكثيره ... هلاّ تركت من الفخار قليلا
وسلكت نهج الحق وحدك جاعلًا ... نور البصيرة لا سواه دليلا
٩ - عقيدة محمد بن إسماعيل الأمير:
ابن الأمير من الأعلام الناشرين لعلوم الكتاب والسنة في كثير من الأقطار الإسلامية. فقد كان مؤمنًا بالله كل الإيمان:
أنا مؤمنٌ بالله ثم بِرُسْلِه ... وبكُتْبه وببعثه ولقائه (٢)
لا يشوب إيمانه نفاق أو تزوير، وأنعم بهذا الإيمان زادًا بنير الطريق في الدنيا والآخرة، ويستوجب الشكر لله على إنعامه به عليه:
والزاد كل الزاد في التوحيد والـ ... إيمان بالراقي لسبع طباق
وأنا بحمد الله ربي مؤمن ... ما شِيْبَ إيماني بشرب نفاق
_________
(١) كما في نشر العرف (٣/ ٣٣)، وأما "نفحات العنبر في تراجم أعيان القرن الثاني عشر" لا يزال مخطوطًا. وقد تم تحقيقه ونشره في مكتبة الجيل الجديد - صنعاء.
(٢) "الديوان": (ص ٥٤).
1 / 20