وقد خرج أبو عبد الله الداعي من أهل البيت إلى الجيل والديلم، وأتباع الناصر الأطروش في الفروع يخطئون أتباع القاسم الرسي في الفروع، فأقنعهم الداعي عليه السلام بقوله: إن كل مجتهد مصيب، فصارت هذه القاعدة معمول بها عند أتباع الأئمة من أهل البيت، فهم لا يخطئون أحدا يخالف في فروع الدين إلا إذا كان خارقا لإجماع الأمة، أو لإجماع أهل البيت، وعلماء مذهب أهل البيت يحرمون التقليد على من قدر على الاجتهاد في الفرعيات، وهذه هي الميزة التي تميز بها مذهب أهل البيت من فتح باب الاجتهاد لمن قدر عليه مع مراعاة الإجماع، ومراعاة التحري والدقة في النقل وحسن الإتباع لآل محمد صلى الله عليه وآله وسلم واحترام أقوالهم، والوقوف عند إجماعهم، وعدم مخالفته؛ لأنهم الثقل الأصغر الذي أمر النبي بالتمسك به في قوله المتواتر نقله: ((إني تارك فيكم الثقلين: كتاب الله وعترتي أهل بيتي، إنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض)).
وقد أنصف علماء أهل البيت في كتبهم غاية الإنصاف، فهم يذكرون أقوال أئمة من أهل البيت جميعا، وأقوال الفقهاء من علماء الأمصار كالشافعي والمالكي والحنفي والحنبلي والإمامي والظاهري، ويذكرون دليل كل واحد، ومن أراد الاطلاع على ذلك فلينظر إلى شرح الأزهار لمؤلفه عبد الله بن مفتاح -رحمه الله- وكذلك البحر الزخار لأحمد بن يحيى المرتضى، والانتصار ليحيى بن حمزة -رضي الله عنهم- فهم سبقوا غيرهم فيما يسمى بالفقه المقارن والحمد لله، ولما كانت الحاجة داعية لكتب مبسطة جدا في مذهب أهل البيت، وقد قويت العزم على جمع كتاب في الطهارة والصلاة والزكاة.
صفحہ 7