تهافت الفلاسفة
تهافت الفلاسفة
تحقیق کنندہ
الدكتور سليمان دنيا
ناشر
دار المعارف
ایڈیشن نمبر
السادسة
پبلشر کا مقام
القاهرة - مصر
مسألة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنه يعرف ذاته أيضًا
قولنا المسلمون عندهم برهان
فنقول: المسلمون لما عرفوا حدوث العالم بإرادته استدلوا بالإرادة على العلم ثم بالإرادة والعلم جميعًا على الحياة ثم بالحياة على أن كل حي يشعر بنفسه وهو حي فيعرف ذاته فكان هذا منهجًا معقولًا في غاية المتانة.
وأما أنتم فلا
فأما أنتم فإذا نفيتم الإرادة والإحداث وزعمتم أن ما يصدر منه يصدر بلزوم على سبيل الضرورة والطبع، فأي بعد أن تكون ذاته ذاتًا من شأنها أن يوجد منه المعلول الأول فقط ثم يلزم المعلول الأول المعلول الثاني إلى تمام ترتيب الموجودات؟ ولكنه مع ذلك لا يشعر بذاته كالنار يلزم منها السخونة والشمس يلزم منها النور، ولا يعرف واحد منهما ذاته كما لا يعرف غيره بل ما يعرف ذاته يعرف ما يصدر منه فيعرف غيره. وقد بينا من مذهبهم أنه لا يعرف غيره وألزمنا من خالفهم في ذلك موافقتهم بحكم وضعهم، وإذا لم يعرف غيره لم يبعد أن لا يعرف نفسه.
قولهم يكون الأول ميتًا!
فإن قيل: كل من لا يعرف نفسه فهو ميت فكيف يكون الأول ميتًا؟
قولنا إن نفيت الصفات من الأول، فما حاجته إلى معرفة نفسه؟
قلنا: فقد لزمكم ذلك على مساق مذهبكم إذ لا فصل بينكم وبين من قال: كل من لا يفعل بإرادة وقدرة واختيار ولا يسمع ولا يبصر فهو ميت ومن لا يعرف غيره فهو ميت. فإن جاز أن يكون الأول خاليًا عن هذه الصفات كلها فأي حاجة به إلى أن يعرف ذاته؟ فإن عادوا إلى أن
1 / 203