تهافت التهافت

Averroes d. 595 AH
124

تهافت التهافت

تهافت التهافت

اصناف

[20] قال ابو حامد الثانى انه لو سلم له هذا وانه لا فساد الا بالذبول فمن أين عرف انه ليس يعتريه الذبول واما التفاته الى الارصاد فمحال لانها لا تعرف مقاديرها الا بالتقريب والشمس التى يقال انها كالارض مائة وسبعين مرة أو ما يقرب منه لو نقص منها مقدار جبال مثلا لكان لا يبين للحس فلعلها فى الذبول والى الآن قد نقص مقدار جبال أو أكثر والحس لا يقدر على ان يدرك ذلك لان تقديره فى علم المناظر لم يعرف الا بالتقريب وهذا كما ان الياقوت والذهب مركبان من العناصر عندهم وهى قابلة للفساد ثم لو وضع ياقوتة مائة سنة لم يكن نقصانها محسوسا فلعل نسبة ما ينقص من الشمس فى مدة تاريخ الارصاد كنسبة ما ينقص من الياقوت فى مائة سنة وذلك لا يظهر للحس فدل ان دليله فى غاية الفساد وقد أعرضنا عن إيراد أدلة كثيرة من هذا الجنس يستركها العقلاء وأوردنا هذا الواحد شبهها كما سبق ليكون عبرة ومثالا لما تركناه واقتصرنا على الادلة الاربعة التى يحتاج الى تكلف فى حل

[21] قلت لو كانت الشمس تذبل وكان ما يتحلل منها فى مدة الارصاد غير محسوس لعظم جرمها لكان ما يحدث من ذبولها فيما ههنا من الاجرام له قدر محسوس وذلك ان ذبول كل ذابل انما يكون بفساد اجزاء منه تتحلل ولا بد فى تلك الاجسام المتحللة من الذابل ان تبقى باسرها فى العالم أو تتحلل الى اجزاء أخر وأى ذلك كان يوجب فى العالم تغيرا بينا اما فى عدد اجزائه واما فى كيفيتها ولو تغيرت كميات الاجرام لتغيرت افعالها وانفعالاتها ولو تغيرت افعالها وانفعالاتها وبخاصة الكواكب لتغير ما ههنا من العالم فتوهم ان الاضمحلال على الاجرام السماوية مخل بالنظام الالهى الذى ههنا عند الفلاسفة وهذا القول لا يبلغ مرتبة البرهان

صفحہ 129