[3] وأما قوله انه ليس يلزم فى الدليل الثالث فى المستقبل مثل ما يلزم فى الماضى على رأيهم فانا نحيل ان يكون العالم أزليا فيما مضى ولسنا نحيل ان يكون أزليا فيما يستقبل الا أبو الهذيل العلاف فانه يرى ان كون العالم أزليا من الطرفين محال فليس كما قال لانه اذا سلم لهم ان العالم لم يزل امكانه وان امكانه يلحقه حالة ممتدة معه يقدر بها ذلك الامكان كما يلحق الموجود الممكن اذا خرج الى الفعل تلك الحال وكان يظهر من هذا الامتداد انه ليس له اول صح لهم ان الزمان ليس له أول اذ ليس هذا الامتداد شيئا الا الزمان وتسمية من سماه دهرا لا معنى له واذا كان الزمان مقارنا للامكان والامكان مقارنا للوجود المتحرك فالوجود المتحرك لا أول له .
[4] وأما قولهم ان كل ما وجد فى الماضى فله أول فقضية باطلة لان الاول يوجد فى الماضى أزليا كما يوجد فى المستقبل واما تفريقهم فى ذلك بين الاول وفعله فدعوى تحتاج الى برهان لكون وجود ما وقع فى الماضى مما ليس بازلى غير وجود ما وقع فى الماضى من الازلى وذلك ان ما يقع فى الماضى من غير الازلى هو متناه من الطرفين أعني ان له ابتداء وانقضاء وأما ما وقع فى الماضى من الازلى فليس له ابتداء ولا انقضاء ولذلك لما كانت الفلاسفة لا يضعون للحركة الدورية ابتداء فليس يلزمهم ان يكون لها انقضاء لانهم لا يضعون وجودها فى الماضى وجود الكائن الفاسد ومن سلم ذلك منهم فقد تناقض ولذلك كانت هذه القضية صحيحة ان كل ما له ابتداء فله انقضاء .
صفحہ 120