ـ[تفسير ابن المنذر]ـ المؤلف: أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري (المتوفى: ٣١٩هـ) قدم له الأستاذ الدكتور: عبد الله بن عبد المحسن التركي حققه وعلق عليه الدكتور: سعد بن محمد السعد دار النشر: دار المآثر - المدينة النبوية الطبعة: الأولى ١٤٢٣ هـ، ٢٠٠٢ م عدد الأجزاء: مجلدان في ترقيم مسلسل واحد [ترقيم صفحات وأحاديث الكتاب موافق للمطبوع، وهو ضمن خدمة مقارنة التفاسير]

نامعلوم صفحہ

تقديم الكتاب بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي أنزل القرآن، وجعله حجة، وأوضح به للمؤمنين المحجَّة، وأظهر لهم بآياته نورًا، وكانوا من ظُلم الباطل في لُجَّة، أحمده حمد من اتبع نهجه، واتبع طريقة وهديه، وأصلي وأسلم على نبيه، المبعوث بالآيات البينات والمعجزات الواضحات، وعلى آله وصحبه الذين شادوا الدين ورفعوا لواءه في العالمين. وبعد: فإن من أنفع ما ينتفع به المرء في دينه ودنياه، وفي رمسه ومثواه، الاشتغال بكلام الله، تلاوة وتجويدًا، وحفظًا وتفسيرًا وعملًا وتدبُّرًا: (كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَابِ) (١) . _________ (١) سورة ص الآية: ٢٩.

1 / 7

والتفسير- كما عرَّفه أبو حيان النحوي ﵀ (المتوفى سنة ٧٤٥هـ) - هو: (شرح اللفظ المستغلق عند السامع. مما هو واضح عنده مما يرادفه أو يقاربه أو له دلالة عليه بإحدى طرق الدلالات) . وأحسن طرق التفسير وأصحها، تفسير القرآن بالقرآن، ثم بالسنة النبوية، ثم بكلام الصحابة، ثم بكلام التابعين، ثم الاجتهاد وبذل الوسع في معرفة المراد من كلام الله سبحانه، مع التدين الصادق، وسلامة الوِجهة، وإخلاص القصد لله رب العالمين. وقد روي عن ابن عباس- ﵄ أنه قال: التفاسير على أربعة أوجه: - تفسير تعرفه العرب من كلامها. - وتفسير لا يعذر أحد بجهله. - وتفسير يعلمه العلماء. - وتفسير لا يعلمه إلا الله، فمن ادَّعى علمه فقد كذب. وقد سلك الإمام ابن المنذر النيسابوري- ﵀ في تأليف كتابه (كتاب تفسير القرآن) منهج السلف في تفسير القرآن بالقرآن وبالأحاديث النبوية وبالآثار الثابتة المسندة من أقوال الصحابة ﵃ والتابعين، ومن ثم فقد اكتسب تفسيره أهمية خاصة عند العلماء، فقد قال الحافظ

1 / 8

الذهبي: (ولابن المنذر تفسير كبير في بضعة عشر مجلدًا يقضي له بالإمامة في علم التأويل) . وقال الداودي: (لم يُصَّنف مثله) . وللتفسير بالمأثور منزلة خاصة عند العلماء، ومن أشهر المفسرين للقرآن بالمأثور الإمام العلامة الثْبت: محمد بن جرير الطبري (المتوفى سنة ٣١٠هـ) . قال أبو حامد الإسفراييني إمام الشافعية: (لو سافر رجل إلى الصين حتى يُحصِّل تفسير ابن جرير لم يكن كثيرًا) . وقال النووي: أجمعت الأمة على أنه لم يُصنف مثل تفسير الطبري. وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما التفاسير التي في أيدي الناس فأصحها تفسير ابن جرير الطبري، فإنه يذكر مقالات السلف بالأسانيد الثابتة، وليس فيه بدعة، ولا ينقل عن المتهمين. إن كتاب التفسير الذي ألَّفه الإمام محمد بن إبراهيم بن المنذر النيسابوري لبنة من لبنات التفسير بالمأثور الذي يقدّره ويجلّه علماء التفسير جميعًا، لأنه أفضل طرق التفسير، والإمام النيسابوري ذو مؤلفات جمة تدُّل على مبلغ علم الرجل وجودة فهومه؟ فهو ممن يستفاد منهم في الحلال والحرام، مع الورَع والتقوى والدين. ذكر العلماء أن له كتبًا معتبرة عند أهل الإسلام لم يُولف مثلُها في الفقه وغيره، منها كتاب (المبسوط)، وكتاب التفسير، الذي لم يُصنف مثله، وكان مجتهدًا لا يُقَلِّد أحدًا.

1 / 9

ومن نظر في تفسير الرجل الذي قام بتحقيقه والتعليق عليه أخونا الدكتور سعد بن محمد السَّعد، فإنه يرى مبلغ علم الرجل، ومدى ما يتمتع به من فهم ثاقب وعلم نافع، وناهيك بعالم يلتقي مع ابن جرير في كثير من الآثار الصحيحة المسندة الثابتة، إذ العلم- كما قال ابن تيمية ﵀ إما نقل مصدق، وإما استدلال محقق، والمنقول إما عن المعصوم أو غير المعصوم. لقد أحسن الأخ الدكتور سعد بن محمد السَّعد صُنعًا حين هُدِيَ إلى هذه القطعة المخطوطة من (كتاب التفسير) لابن المنذر، فعكفَ على تحقيقها والتعليق على ما يحتاج إلى تعليق منها مع التوجيه والترجيح، لقد نسب كل أثر إلى مصدره، وعزا كل قراءة إلى من قرأ بها، وميزَّ المتواتر من الشاذ وذلك بالرجوع إلى مصادرهما، وعلَّق على كل منهما. بما يحتاجه من تعليق، ووثّق الباحث نقول ابن المنذر عن الفرَّاء في (معاني القرآن) له، وعن أبي عبيدة معمر بن المثنى في كتابه (مجاز القرآن)، ووثَّق النصوص الشعرية -وإن كانت قليلة- توثيقًا حسنًا، كما أنه ضبطها بالشكل، وبهذا يكون (كتاب التفسير) لأبن المنذر قد خرج من غياهب المكتبات إلى النور والضياء، لينتفع به طلاب العلم وراغبوه مما يبشر المحق بثبوت الأجر له إن شاء الله. والله لا يضيع أجر من أحسن عملًا.

1 / 10