{ قالوا ادع لنا ربك يبين لنا ما هي } ففي الحديث لو اعترضوا بقرة فذبحوها لأجزأت عنهم ولكن شددوا فشدد الله عليهم. وما هي: مبتدأ وخبر في موضع مفعول يبين وهي معلقة لأن التبيين إعلام في المعنى وما هي ليس سؤالا عن الماهية إنما هو سؤال عن الوصف ولذلك جاء الجواب بالوصف فكأنهم قالوا ما صفتها وكما علموا ما لموسى عند الله من الخصوصية قالوا ربك.
{ لا فارض ولا بكر } وصفة للبقرة وإذا وصفت النكرة بما دخل عليه لا كررت وكذا الخبر والحال إلا ما ندر. والفارض المسن التي انقطعت ولادتها في الكبر يقال فرضت وفرضت بفتح الراء وضمها يفرض فروضا. والبكر الصغيرة التي لا تلد من الصغر. قيل: أو ولدت ولدا واحدا. والعوان النصف وهي التي ولدت مرة بعد مرة. يقال: عونت المرأة.
و { عوان } تفسير لما تضمنه الوصفان.
{ بين ذلك } أي بين الفروض والبكارة وافرد ذلك إذ قد يشار به للمفرد والمثنى والمجموع بصيغة واحدة. فيقال: كيف ذلك الرجال يا رجال، وكذا كان الخطاب قد تكون مفردة للمفرد والمثنى والمجموع من المذكر والمؤنث أو حذف معطوف كما حذف في قوله: فما كان بين الخير إذ بين تقتضي شيئين أو أشياء.
{ فافعلوا ما تؤمرون } أمر بامتثال ما أمروا به فلم يفعلوا وتعنتوا في السؤال فسألوا عن لونها. والصفرة هنا المعهودة لا السواد تقول العرب أصفر فاقع وأبيض ناصع ويقق وأسود حالك وأحمر قاني وأخضر ناضر فهذه التوابع تدل على شدة الوصف كأنه قيل أصفر شديد الصفرة ومن غريب ما وقع في لغة الترك انهم إذا أرادوا المبالغة في وصف اللون ركبوا من الحرف الأول مع الباء الساكنة ما يدل على الوصف بشدة ذلك اللون يقولون في أسود قرا فإذا أرادوا شدة السواد قالوا قبقرا، وكذا صرى الأصفر يقولون صبصرا، وقزل الأحمر يقولون قبقزل، وكذا باقي الألوان والوصف بفاقع ونحوه مما يدل على شدة اللون يطابق ما قبله فتقول سوداء حالكة وصفراء فاقعة، وهنا رفع الظاهر المذكر فلذلك لم تلحق التاء.
و { تسر } صفة أيضا أي تبهج.
{ الناظرين } بحسنها شكلا ولونا وسنا فالوصف بالسرور ناشىء عن تقدم الأوصاف التي نشأ عنها السرور.
ثم لم يكتفوا بهذا البيان وتعنتوا على عادتهم في السؤال وعللوا الحامل لهم على تكرار السؤال بقولهم:
{ إن البقر تشابه علينا } إذ موجود كثير مما تشابه ما تقدم ذكره في الوصف واللون. وقرىء تشابه على تذكير البقر وتشابه مضارعا على تأنيثه وحذف التاء وتشابه على التأنيث وإدغام التاء في الشين والأصل تتشابه وشبه مضارع تشبه حذفت منه التاء وتشبه ماضيا ويتشابه مضارعا وتشابهت وتشابهت ومتشبه ومتشابه.
{ وإنآ إن شآء الله لمهتدون } إلى تعيين البقرة المأمور بذبحها وجواب الشرط محذوف، أي إن شاء الله اهتدينا دل عليه بمهتدون. وقيل: الشرط الذي حذف جوابه للدليل كقولك أنت ظالم إن فعلت لكن الشرط توسط بين اسم إن وخبرها ليحصل توافق رؤوس الآي وجاؤوا بالشرط على سبيل الأدب مع الله تعالى إذ أخبروا بثبوت الهداية.
نامعلوم صفحہ