وقال الزمخشري: ويجوز أن يكون المعنى وإن كانت الشهادة وبالا على أنفسكم أو على آبائكم وأقاربكم وذلك أن يشهد على من يتوقع ضرره من سلطان ظالم أو غيره. " انتهى ".
وما قاله لا يجوز لأن ما تعلق به الظرف كون مقيد ولا يجوز حذف الكون المقيد. لو قلت: كان زيد فيك، وأنت تريد محبا فيك، لم يجز لأن محبا كون مقيد وإنما ذلك جائز في الكون المطلق وهو تقدير كائن أو مستقر.
{ إن يكن غنيا أو فقيرا فالله أولى بهما } أي إن يكن المشهود عليه غنيا فلا يمتنع من الشهادة عليه لغناه أو فقيرا فلا يمنعها ترحما عليه وإشفاقا فعلى هذا الجواب محذوف لأن العطف هو بأو ولا يثنى الضمير إذا عطف بها بل يفرد وتقدير الجواب فليشهد عليه ولا يراعي الغني لغناه أو لخوف منه ولا الفقير لمسكنته وفقره ويكون قوله: فالله أولى بهما، ليس هو الجواب بل لما جرى ذكر الغني والفقير عاد الضمير على ما دل عليه ما قبله، كأنه قيل: فالله أولى بجنس الغني والفقير، أي بالأغنياء والفقراء. وفي قراءة أبي: فالله أولى بهم ما يشهد بإرادة الجنس. وذهب الأخفش وقوم إلى أن أوفي معنى الواو فعلى قولهم يكون الجواب فالله أولى بهما حيث شرع الشهادة عليهما وهو أنظر لهما منكم ولولا أن الشهادة عليهما مصلحة لهما لما شرع.
{ وإن تلووا أو تعرضوا } الظاهر أن الخطاب للمأمورين بالقيام بالقسط والشهادة لله، والمنهيين عن اتباع الهوى. ومعنى وإن تلووا ألسنتكم عن شهادة الحق أو حكومة العدل أو تعرضوا عن الشهادة بما عندكم وتمنعوها. وقرىء وان تلوا بضم اللام بواو واحدة.
{ فإن الله كان بما تعملون خبيرا } هذا فيه وعيد لمن لوى بالشهادة أو أعرض عنها.
{ يا أيها الذين آمنوا } الآية، خطاب للمؤمنين. ومعنى آمنوا داوموا على الإيمان. مناسبتها لما قبلها أنه لما أمر المؤمنين بالقيام بالقسط والشهادة لله بين أنه لا يتصف بذلك إلا من كان راسخ القدم في الإيمان بالأشياء المذكورة في هذه الآية فأمر بها.
{ إن الذين آمنوا } الآية، هي في المنافقين إذ هم المتلاعبون بالدين، فحيث لقوا المؤمنين قالوا: آمنا، وحيث لقوا أصحابهم قالوا: إنا مستهزؤن. ولذلك جاء بعده بشر المنافقين. الآية.
{ لم يكن الله ليغفر لهم } قال الزمخشري: نفي الغفران والهداية وهي اللطف على سبيل المبالغة التي تعطيها اللام، والمراد بنفيهما نفي ما يقتضيهما وهو الإيمان الثابت الخالص. " انتهى ". ظاهر كلامه أنه يقول بقول الكوفيين وهو أنهم يقولون إذا قلت: لم يكن زيد ليقوم أن خبر لم يكن هو قولك ليقوم، واللام للتأكيد زيدت في المنفي، والمنفي هو القيام، وليست ان مضمرة بل اللام هي الناصبة. والبصريون يقولون: النصب بإضمار ان وينسبك من أن المضمرة والفعل بعدها مصدر وذلك المصدر لا يصح أن يكون خبرا لأنه معنى المخبر عنه جثة ولكن الخبر محذوف واللام مقوية لتعدية ذلك الخبر إلى المصدر وأضمرت ان بعدها وصارت اللام كالعوض من أن المحذوفة ولذلك لا يجوز حذف هذه اللام ولا الجمع بينها وبين ان ظاهرة ومعنى قوله: والمراد بنفيهما نفي ما يقتضيهما ان المعنى لم يكونوا ليؤمنوا فيغفر لهم ويهديهم.
{ الذين يتخذون } الآية، الذين: خبر مبتدأ محذوف أو منصوب على الذم، كأنه قال: أذم الذين أو صفة لقوله المنافقين.
[4.140-143]
نامعلوم صفحہ