231

وقال الزمخشري وغيره: أنه بدل هو ولا يجوز ذلك لأن فيه فصلا بين البدل والمبدل منه بأجنبي وهو المعطوفان لأنهما معمولان لغير العامل في المبدل منه ولو كان العامل في المعطوف هو العامل في المبدل منه لم يجز ذلك أيضا لأنه إذا اجتمع العطف والبدل قدم البدل على العطف لو قلت جاء زيد وعائشة أخوك لم يجز إنما الكلام جاء زيد أخوك وعائشة وقال الزمخشري: فإن قلت: لم يجز افراده بنصب الحال دون المعطوفين عليه ولو قلت جاءني زيد وعمرو راكبا لم يجز قلت: إنما جاز هذا لعدم الإلباس كما جاز في قوله:

ووهبنا له إسحاق ويعقوب نافلة

[الأنبياء: 72] أن انتصب نافلة حالا عن يعقوب ولو قلت: جاءني زيد وهند راكبا جاز لتمييز بالذكورة " انتهى ".

وما ذكره في قوله: في جاءني زيد وعمرو راكبا أنه لا يجوز ليس كما ذكره بل هذا جائز لأن الحال قيد فيمن وقع منه أو به الفعل أو ما أشبهه وإذا كان قيدا فإنه يحتمل على أقرب مذكور ويكون راكبا حالا مما يليه ولا فرق في ذلك بين الحال والصفة ولو قلت جاءني زيد وعمرو الطويل لكان الطويل صفة لعمرو ولا تقول: لا تجوز هذه المسألة لأنه يلبس بل لا لبس في هذا وهو جائز فكذلك الحال وأما قوله: في نافلة أنه انتصب حالا عن يعقوب إذ يحتمل أن يكون نافلة مصدرا كالعافية والعاقبة ومعناه زيادة فيكون ذلك شاملا لإسحاق ويعقوب لأنهما زيدا لإبراهيم بعد ابنه إسماعيل وغيره إذ كان جاء له إسحاق على الكبر وبعد أن عجزت سارة وأيست من الولادة.

ولما ذكر شهادة الله والملائكة وأولي العلم بانحصار الألوهية فيه تعالى أخبر بتقرير ذلك بقوله: { لا إله إلا هو }. وفيه ضرب من التأكيد لما سبق ثم ذكر.

{ العزيز } وهو الذي لا يغالب أو الذي هو عديم النظير.

و { الحكيم } هو الذي يصنع الأشياء بحكمته مواضعها وارتفع العزيز على إضمار هو.

و { الحكيم } هو الذي يضع الأشياء بحكمته مواضعها وارتفع العزيز على إضمار هو { إن الدين } أي أن الشرع المقبول { عند الله } هو { الإسلام } أي الانقياد لأمر الله ونهيه واعتقاد ما جاءت به الرسل من صفات الله تعالى. والبعث والجزاء. وقرى ان الدين ولهم في إعرابه اضطرابات وقد اخترنا أنه متعلق بالحكيم وهي صفة مبالغة وتكون على إضمار حرف الجر أي الحاكم بأن الدين عند الله الاسلام وأشبه ما قالوه أن يكون إن الدين بدل من قوله أنه لا إله إلا هو وفيه بعد لطول الفصل بين البدل والمبدل منه ولما شهد تعالى لنفسه بالوحدانية وشهد له بذلك الملائكة وأولوا العلم حكم أن الدين المقبول عنده هو الإسلام فلا ينبغي لأحد أن يعدل عنه.

ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه

[آل عمران: 85] وعدل عن صيغة الحاكم إلى الحكيم لأجل المبالغة ولمناسبة العزيز ومعنى المبالغة تكرار حكمة بالنسبة إلى الشرائع ان الدين عنده هو الإسلام إذ حكم في كل شريعة بذلك. وفي البحر الذي هذا النهر ملخص منه ما نصه وأما قراءة الكسائي ومن وافقه في نصب أنه وإن فقال أبو علي الفارسي إن شئت جعلته من بدل الشيء من الشيء وهو ألا ترى ان الدين الذي هو الإسلام يتضمن التوحيد والعدل وهو في المعنى، وإن شئت جعلته من بدل الاشتمال لأن الاسلام مشتمل على التوحيد والعدل، وإن شئت جعلته بدلا من القسط لأن الدين الذي هو الإسلام قسط وعدل، فيكون أيضا من بدل الشيء من الشيء وهما لعين واحدة. انتهت تخريجات الفارسي وهو معتزلي فلذلك يشتمل كلامه على ألفاظ المعتزلة من التوحيد والعدل وعلى البدل من أنه لا إله إلا هو خرجه غيره أيضا وليس بجيد لأنه يؤدي إلى تركيب بعيد أن يأتي مثله في كلام العرب وهو عرف زيد أنه لا شجاع إلا هو وبنو تميم وبنو دارم ملاقيا للحروب لا شجاع إلا هو البطل المحامي وان الخصلة الحميدة هي البسالة وتقريب هذا المثال ضرب زيد عائشة والعمران حنقا أختك، فحنقا حال من زيد وأختك بدل من عائشة، ففصل بين البدل والمبدل منه بالعطف وهو لا يجوز وبالحال لغير المبدل منه ولا يجوز لأنه فصل بأجنبي بين المبدل منه والبدل، وخرجه الطبري على حذف حرف العطف والتقدير وان الدين.

نامعلوم صفحہ