وقالوا: قلوبنا غلف} جمع أغلف، أي هي خلقة مغشاة بأغطية لا يتوصل إليها ما جاء به محمد ولا تفقهه، مستعار من الأغلف؛ وقيل: قلوبنا أوعية لكل علم فلا نحتاج إلى علمك. قال الكلبي: «معناه أوعية لكل علم فلا تسمع حديثا إلا وعته إلا حديثك لا نعقله ولا نعيه، ولو كان فيه خير لوعته وفهمته». {بل لعنهم الله} (لعله) طردهم وأبعدهم عن خير الدارين، {بكفرهم} فرد الله عليهم أن تكون قلوبهم مخلوقة كذلك، لأنها خلقت على الفطرة والتمكن من قبول الحق، بل إنما طردهم عن رؤية الحق كفرهم وزيغهم فصار ذلك حجابا على قلوبهم كما قال: {بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون} (¬1) . {فقليلا} منهم، {ما يؤمنون(88)} أو فإيمانا قليلا يؤمنون أي غير خالص، كما قال: {ولا يذكرون الله إلا قليلا} (¬2) أي غير خالص؛ وقيل: إيمانهم ببعض وكفرهم ببعض؛ وقيل: «غلف» تخفيف «غلف» وقرئ به جمع غلاف، أي قلوبنا أوعية [24] للعلوم فنحن مستغنون بما عندنا عن غيره، أو أوعية للعلم فلو كان ما جئت به حقا لقبلنا.
{ولما جاءهم كتاب من عند الله} أي القرآن، {مصدق} موافق، {لما معهم} من كتابهم لا يخالفه. {وكانوا من قبل} يعني القرآن، {يستفتحون على الذين كفروا} يستنصرون على المشركين من غيرهم إذا قاتلوهم، قالوا: اللهم انصرنا بالنبي المبعوث في آخر الزمان الذي نجد نعته في التوراة، ويقولون لأعدائهم من المشركين: قد أطل زمان نبي يخرج بتصديق ما قلنا فنقتلكم معه قتل عاد وإرم. {فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به} بغيا وحسدا وحرصا على الرئاسة، {فلعنة الله على الكافرين(89)}.
{
¬__________
(¬1) - ... سورة المطففين: 14.
(¬2) - ... سورة النساء: 142.
صفحہ 57