لقد سمع الله قول الذين قالوا: إن الله فقير ونحن أغنياء} قيل: قال ذلك اليهود حين سمعوا قوله تعالى: {من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا} (¬1) وقالوا إن إله محمد يستقرض منا، فنحن إذن أغنياء وهو فقير. ومعنى سماع الله له أنه لم يخف عليه، وأنه أعد له كفافه من العقاب. {سنكتب ما قالوا، وقتلهم الأنبياء بغير حق، ونقول: ذوقوا عذاب الحريق(181) ذلك بما قدمت أيديكم، وأن الله ليس بظلام للعبيد(182)}.
{الذين قالوا إن الله عهد إلينا} أمرنا في التوراة وأوصانا {ألا نؤمن لرسول حتى يأتينا بقربان تأكله النار} أي: نقرب قربانا، فتنزل نار من السماء فتأكله؛ فإن جئتنا به صدقناك؛ والقربان: كل ما يتقرب العبد به من نسك أو غيره، قد حرم الله على بني إسرائيل زكاة أموالهم ولم يحلها لغني ولا فقير منهم، وإنما كا[نوا] يخرجون زكاتهم ويجمعونها، ثم تنزل عليها نار من السماء فتأكلها؛ وهذه دعوى باطلة وافتراء على الله، لأن أكل النار القربان سبب لإيمان المرسول الآتي به، لكونه معجزة؛ فهو إذن وسائر المعجزات سواء. وكانت القرابين والغنائم لا تحل لبني إسرائيل، وكانوا إذا قربوا أو غنموا غنيمة، جاءت نار بيضاء من السماء بلا دخان، ولها دوي ووجيف (¬2) فتحرق ذلك القربان وتلك الغنيمة.
{
¬__________
(¬1) - ... سورة البقرة: 245؛ وتمامها: {...فيضاعفه له أضعافا كثيرة والله يقبض ويبسط وإليه ترجعون}. وسورة الحديد: 11؛ وتمامها: {...فيضاعفه له وله أجر كريم}.
(¬2) - ... أي لها دوي وسرعة، قال في اللسان: «الوجف سرعة السير. وجف البعير والفرس يجف وجفا ووجيفا : أسرع. والوجيف دون التقريب من السير. الجوهري: الوجيف ضرب من سير الإبل والخيل...». ابن منظور: لسان، 6/882.
صفحہ 199