تفسير موطا للقنازعی
تفسير الموطأ للقنازعي
ایڈیٹر
الأستاذ الدكتور عامر حسن صبري
ناشر
دار النوادر - بتمويل وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٢٩ هـ - ٢٠٠٨ م
پبلشر کا مقام
قطر
اصناف
بِالْعُقُودِ﴾ [المائدة: ١]، فَمَنْ عَقَدَ على نَفْسِهِ عَقْدًا لَزِمَهُ مَا عَقَدَهُ على نَفْسِهِ إذا فَعَلَ الذي حَلَفَ عَلَيْهِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: إذا تَظَاهَرَ الرَّجُلُ مِنْ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ في كَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ إلَّا كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ الظِّهَارَ لَيْسَ هُوَ لِحَلِّ عُقْدَةَ نِكَاحٍ، وإنَّمَا هُوَ للكَفَّارَةِ، فَلِذَلِكَ وَجَبَتْ عَلَيْهِ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ، وهذَا بِخِلاَفِ قَوْلِ الرَّجُلِ لأَرْبَعِ نِسْوَةٍ لَهُ: (أَنْتُنَّ طَوَالِقُ) أَنَّهُنَّ يَطْلُقْنَ عَلَيْهِ، لأن الطَّلاَقَ هُوَ لِحَلِّ عُقْدَةَ النِّكَاحِ، فَلِهَذا يَطْلُقَنَ عَلَيْهِ.
قالَ أَبو المُطَرِّفِ: نَزَلَتْ آيَةُ الظِّهَارِ في أَوْسِ بنِ الصَّامِتِ، قَالَ لِزَوْجَتِهِ خَوْلَةَ: (أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي)، فَأَتَتِ النبيَّ ﷺ فَشَكَتْ ذَلِكَ إليه، وألَحَّتْ في الشَّكْوَى، فأَنْزَلَ اللهُ ﵎: ﴿قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللهِ﴾ [المجادلة: ١]، إلى آخر الكَفَّارَاتِ (١).
* قَوْلُ مَالِكٍ: (الظِّهَارُ مِنْ ذَوَاتِ المَحَارِم مِنَ الرَّضَاعِ والنَّسَبِ) [٢٠٦٢]، قالَ أَبو المُطَرِّفِ: مَعْنَاهُ أَنْ يَقُولَ الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عليَّ كَظهْرِ أُمِّي مِنَ الرَّضَاعَةِ، أَو كَظَهْرِ أُمِّي مِنَ النَّسَبِ، فإذَا قَالَ لَهَا أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ مِنَ النَّاسِ وَقَعَ هَهُنا الإخْتِلاَفُ.
فَقَالَ أَصْبَغُ: لَيْسَ عَلَيْهِ ظِهَارٌ، مِنْ أَجْلِ أَنَّ فَرْجَ الأَجْنَبِيَّةِ لَهُ حَلاَلٌ يَوْمًا مَا.
وقالَ غَيْرُهُ: يَلْزَمُهُ في الأَجْنَبيَّةِ الظِّهَارُ، لأَنَّ فَرْجَ الأَجْنَبيَّةِ في وَقْتِ قَوْلِهِ ذَلِكَ
عَلَيْهِ حَرَامٌ، كَبَعْضِ المُحَرَّمَاتِ مِنْ أَقَارِبِهِ، فَلِذَلِكَ يَلْزَمُهُ فيَ الأَجْنَبِيَّةِ الظِّهَارُ.
وقالَ ابنُ المَاجِشُونَ: إذا قَالَ الرَّجُلُ لامْرَأَتِهِ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أَجْنَبِيَّةٍ، أَنَّهَا تَطْلُقُ عَلَيْهِ زَوْجَتُهُ.
قالَ أَبو عُمَرَ: القَوْلُ في هَذه المَسْأَلةِ أنَّ الظِّهَارَ يَلْزَمُهُ، ولَا يَلْزَمُهُ طَلاَقٌ، لأَنَّ
(١) روى حديث أوس بن الصامت جماعة من الصحابة، منهم ابن عباس، رواه أبو داود (٢٢٢٣)، والترمذي (١١٩٩)، والنسائي ٦/ ١٦٧.
1 / 367