82

تفسير الميزان

تفسير الميزان - العلامة الطباطبائي

اصناف

تفسیر

أقول: ويمكن أن يستفاد ما يشتمل عليه الرواية من كيفية خروجهما وأنه كان أولا من الجنة إلى فنائها ومن فنائها إلى الأرض من تكرر الأمر بالهبوط في الآية مع كونه أمرا تكوينيا غير قابل التخلف، وكذا من تغيير السياق في قوله تعالى: "وقلنا: يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة، إلى أن قال: ولا تقربا هذه الشجرة" الآية، وقوله تعالى: وناديهما ربهما: ألم أنهكما عن تلكما الشجرة الآية، حيث عبر في الأول بالقول وبالإشارة القريبة وفي الثاني بالنداء والإشارة البعيدة، غير أن الرواية مشتملة على خلق حواء من أسفل أضلاع آدم كما اشتملت عليه التوراة، والروايات عن أئمة أهل البيت تكذبه كما سيجيء في البحث عن خلقة آدم، وإن أمكن أن يحمل خلقها من فاضل طينة آدم مما يلي أضلاعه هذا، وأما ساعات مكثه في الجنة، وأنها ستة أو سبعة فالأمر فيها هين فإنما هو تقريب.

وفي الكافي،: عن أحدهما (عليهما السلام): في قوله تعالى: فتلقى آدم من ربه كلمات، قال: لا إله إلا أنت، سبحانك اللهم وبحمدك، عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي وأنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت، سبحانك اللهم وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني وأنت خير الغافرين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فارحمني وأنت خير الراحمين، لا إله إلا أنت سبحانك اللهم وبحمدك عملت سوءا وظلمت نفسي فاغفر لي وتب علي إنك أنت التواب الرحيم.

أقول: وروى هذا المعنى الصدوق والعياشي والقمي وغيرهم، وعن طرق أهل السنة والجماعة أيضا ما يقرب من ذلك، وربما استفيد ذلك من ظاهر آيات القصة.

وقال الكليني في الكافي،: وفي رواية أخرى: في قوله: فتلقى آدم من ربه كلمات قال: سأله بحق محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين.

أقول: وروى هذا المعنى أيضا الصدوق والعياشي والقمي وغيرهم، وروي ما يقرب من ذلك من طرق أهل السنة والجماعة أيضا كما رواه في الدر المنثور، عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، قال: لما أذنب آدم الذنب الذي أذنبه رفع رأسه إلى السماء فقال: أسألك بحق محمد إلا غفرت لي فأوحى الله إليه، ومن محمد؟ قال: تبارك اسمك لما خلقتني رفعت رأسي إلى عرشك فإذا فيه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، فعلمت أنه ليس أحد عندك أعظم قدرا ممن جعلت اسمه مع اسمك فأوحى الله إليه يا آدم إنه آخر النبيين من ذريتك ولولاه ما خلقتك.

أقول: وهذا المعنى وإن كان بعيدا عن ظاهر الآيات في بادي النظر لكن إشباع النظر والتدبر فيها ربما قرب ذلك تقريبا، إذ قوله: فتلقى آدم، يشتمل على معنى الأخذ مع الاستقبال، ففيه دلالة على أخذ آدم هذه الكلمات من ربه، ففيه علم سابق على التوبة، وقد كان (عليه السلام) تعلم من ربه الأسماء كلها إذ قال تعالى للملائكة: إني جاعل في الأرض خليفة، قالوا: أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك؟ قال: إني أعلم ما لا تعلمون وعلم آدم الأسماء كلها، فهذا العلم كان من شأنه إزاحة كل ظلم ومعصية لا محالة ودواء كل داء وإلا لم يتم الجواب عما أورده الملائكة ولا قامت الحجة عليهم لأنه سبحانه لم يذكر قبال قولهم: يفسد فيها ويسفك الدماء شيئا ولم يقابلهم بشيء دون أن علم آدم الأسماء كلها ففيه إصلاح كل فاسد، وقد عرفت ما حقيقة هذه الأسماء، وأنها موجودات عالية مغيبة في غيب السماوات والأرض، ووسائط فيوضاته تعالى لما دونها، لا يتم كمال لمستكمل إلا ببركاتها وقد ورد في بعض الأخبار أنه رأى أشباح أهل البيت وأنوارهم حين علم الأسماء، وورد أنه رآها حين أخرج الله ذريته من ظهره، وورد أيضا أنه رآها وهو في الجنة فراجع والله الهادي.

وقد أبهم الله أمر هذه الكلمات في قوله: فتلقى آدم من ربه كلمات الآية حيث نكرها، وورد في القرآن: إطلاق الكلمة على الموجود العيني صريحا في قوله: "بكلمة منه اسمه المسيح عيسى بن مريم": آل عمران - 40.

صفحہ 83