إذا تأملها الإنسان ، وأمعن النظر فيها ، ووعاها وعيا صحيحا ، لما ارتاب فيها ، ولانكشفت أمامه كل أجواء الريب والشك والشبهة.
من هنا ، فليس معناه أنه لم يرتب فيه أحد ، لأن كثيرا من الناس أثاروا حوله جوا من الريبة والشك ؛ فقد قالوا عنه إنه ( أساطير الأولين ) ، وقالوا عنه أشياء أخرى ، إما لغفلتهم عن طبيعته الواضحة باستغراقهم في أجواء الإثارة ، وإما لخضوعهم لأساليب التضليل المتنوعة التي تنحرف بالفكر عن وجه الحق.
* * *
** القرآن كتاب هداية
( هدى للمتقين ) هذه هي الصفة الثالثة من صفات الكتاب الكامل في كل شيء الذي لا ينبغي لأحد أن يرتاب فيه ، فهو ( هدى للمتقين ). إنه كتاب هداية ، وهذا هو دوره الأصيل ، وليس دوره أن يكون كتابا يتحدث عن المخترعات أو عن أي شيء آخر مما ينسب إليه ، إنما هو كتاب هدى للإنسان ليوجهه إلى الطريق الصحيح والصراط المستقيم .. ولا مانع من أن يلتفت القرآن إلى بعض الأسرار الكونية ، والظواهر الطبيعية ، إذا دعت إليها المعالجة القرآنية لبعض المواضيع ، ولكنها لا تأتي على أساس مستقل دائما ، بل تكتفي بالتركيز على عنصر الهداية في وسائلها وأهدافها. فليس القرآن كتابا علميا يجمع علوم الكيمياء والفيزياء وعلوم الحيوان والنبات وغير ذلك ، بل هو كتاب إرشاد وتوجيه وهداية للإنسان ، ليعرف كيف يسير ويصارع وينظم حياته في كل المجالات.
إنه يحدد للإنسان الفكرة في صفاء ونقاء ، ويربطه ، من خلال ذلك ،
صفحہ 104