وموقف عمر بن عبد العزيز- ﵀ هذا شبيه بموقف عثمان- ﵁ في قصة جمعه للقرآن، فقد رحم الله الأمة بصنيع هذين الخليفتين.
وكان أول من قام بتدوين السنة بأمر من عمر بن عبد العزيز: محمد بن مسلم بن شهاب الزُّهْري. يقول عبد العزيز بن محمد الدَّرَاوَرْدي: (أول من دَوَّن العلم وكتبه ابن شهاب) (^١).
ويقول ابن شهاب الزُّهْري نفسه: (أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن، فكتبناها دفترًا دفترًا، فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفترًا) (^٢). ويقول الحافظ ابن حجر: (وأول من دوَّن الحديث: ابن شهاب الزُّهْري على رأس المائة، بأمر عمر بن عبد العزيز، ثم كثر التدوين، ثم التصنيف، وحصل بذلك خير كثير، فلله الحمد) (^٣). ويقول السُّيوطي في منظومته (^٤):
أَوَّلُ جامعِ الْحديثِ والأَثَرْ … ابنُ شهابٍ آمرًا له عُمَرْ
ثم أَعْقَبَ التدوينَ مرحلةُ التَّصنيف كما سبق نقله عن ابن حجر، فأوَّل من صنَّف على الأبواب: عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت ١٥٠ هـ) بمكة، والإمام مالك بن أنس (ت ١٧٩ هـ) أو محمد بن إسحاق بن يَسَار (ت ١٥١ هـ) بالمدينة، والرَّبيع بن صَبيح (ت ١٦٠ هـ) أو سعيد بن أبي عَرُوبة (ت ١٥٦ هـ أو ١٥٧ هـ) أو حماد بن سلمة (ت ١٦٧ هـ) بالبصرة، وسفيان بن سعيد الثوري
_________
(^١) جامع بيان العلم وفضله لابن عبد البر (١/ ٨٨).
(^٢) المرجع السابق (١/ ٩١ - ٩٢).
(^٣) فتح الباري (١/ ٢٠٨).
(^٤) ألفية السيوطي (ص ١٠).
المقدمة / 6