حصل في عصر والده.
كما أن عصره كان عصر فتوحات في بلاد الروم وجهة جُرْجَان (^١).
وكان ﵀ سَمْحَ الخلق، محبًّا للسنة، معظِّمًا لحُرُمات الله، حسن الاعتقاد، مبغضًا للزنادقة.
كان يصلي بالناس الصلوات الخمس في المسجد الجامع بالبصرة لما قدمها، فأقيمت الصلاة يومًا، فقال أعرابي: لستُ على طُهْرٍ، وقد رغبت في الصلاة خلفك، فَأْمُرْ هولاء بانتظاري، فقال: انتظروه، ودخل المحراب، فوقف إلى أن قيل: قد جاء الرجل، فكبَّر، فعجب الناس من سماحة أخلاقه (^٢). وأصدر أمره بترك المقاصير التي في جوامع الإسلام، وقصّر المنابر، وصيّرها على مقدار منبر رَسُولُ اللَّهِ ﷺ (^٣).
وكان إذا عرضت قضيّة، واستُدِلَّ لها بحديث، وَثَبَ عند ذكر النَّبِيِّ ﷺ حتى يُلْصِقَ خَدَّهُ بالتراب ويقول: سمعت لما قال وأطعت (^٤).
وهاجت ريح سوداء ذات مرّة حتى خافوا أن تكون القيامة قد قامت، فطلبه أحد حُجَّابه، فلم يجده في الإيوان، فإذا هو في بيت ساجد على التراب يقول: اللهم لا تُشْمت بنا أعداءنا من الأمم، ولا تفجع بنا نبيّنا، اللهم إن كنت أخذتَ العامة بذنبي، فهذه ناصيتي بيدك، فما أتمّ كلامه حتى انْجلتْ (^٥).
_________
(^١) انظر البداية والنهاية (١٠/ ١٤٦ - ١٥٠).
(^٢) تاريخ الخلفاء (ص ٤٤٢).
(^٣) المرجع السابق (ص ٤٣٦).
(^٤) السابق أيضًا (ص ٤٤٢).
(^٥) سير أعلام النبلاء (٧/ ٤٠٢، ٤٠٣).
المقدمة / 22