تفسیر مجمع البیان
مجمع البيان في تفسير القرآن - الجزء1
اصناف
(1) - فجر حاتم على البدل من الهاء في جوده (وثانيها) أن يكون بدلا من الذين (وثالثها) أن يكون صفة للذين وإن كان أصل غير أن يكون صفة للنكرة تقول مررت برجل غيرك كأنك قلت مررت برجل آخر أو برجل ليس بك قال الزجاج وإنما جاز ذلك لأن الذين هاهنا ليس بمقصود قصدهم فهو بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه وقال علي بن عيسى الرماني إنما جاز أن يكون نعتا للذين لأن الذين بصلتها ليست بالمعرفة الموقتة كالأعلام نحو زيد وعمرو وإنما هي كالنكرات إذا عرفت نحو الرجل والفرس فلما كانت الذين كذلك كانت صفتها كذلك أيضا كما يقال لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل ولو كانت بمنزلة الإعلام لما جاز كما لم يجز مررت بزيد غير الظريف بالجر على الصفة وقال أبو بكر السراج والذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة لأن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة وإنما تنكرت غير ومثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما وذلك أنك إذا قلت رأيت غيرك فكل شيء ترى سوى المخاطب فهو غيره وكذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى فأما إذا كان شيئا معرفة له ضد واحد وأردت إثباته ونفي ضده فعلم ذلك السامع فوصفته بغير وأضفت غير إلى ضده فهو معرفة وذلك نحو قولك عليك بالحركة غير السكون فغير السكون معرفة وهي الحركة فكأنك كررت الحركة تأكيدا فكذلك قوله تعالى: «الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم» فغير المغضوب هم الذين أنعم الله عليهم فمتى كانت غير بهذه الصفة فهي معرفة وكذلك إذا عرف إنسان بأنه مثلك في ضرب من الضروب فقيل فيه قد جاء مثلك كان معرفة إذا أردت المعروف بشبهك قال ومن جعل غير بدلا استغنى عن هذا الاحتجاج لأن النكرة قد تبدل من المعرفة وفي نصب غير ثلاثة أوجه أيضا (أحدها) أن يكون نصبا على الحال من المضمر في عليهم والعامل في الحال أنعمت فكأنه قال صراط الذين أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم (وثانيها) أن يكون نصبا على الاستثناء المنقطع لأن المغضوب عليهم من غير جنس المنعم عليهم (وثالثها) أن يكون نصبا على أعني كأنه قال أعني غير المغضوب عليهم ولم يجز أن يقال غير المغضوبين عليهم لأن الضمير قد جمع في عليهم فاستغنى عن أن يجمع المغضوب وهذا حكم كل ما تعدى بحرف جر تقول رأيت القوم غير المذهوب بهم استغنيت بالضمير المجرور في بهم عن جمع المذهوب وأما لا من قوله «ولا الضالين» فذهب البصريون إلى أنها زائدة لتوكيد النفي وذهب الكوفيون إلى أنها بمعنى غير ووجه قول البصريين أنك إذا قلت ما قام زيد وعمرو احتمل أن تريد ما قاما معا ولكن قام كل واحد منهما بانفراده فإذا قلت ما قام زيد ولا عمرو زال الاحتمال وغير متضمن معنى
صفحہ 107