وأما قوله تعالى: { أو مثلها }؛ فهو مثل آية القبلة جعل الله ثواب الصلاة إلى الكعبة بعد النسخ مثل ثواب الصلاة إلى بيت المقدس قبل النسخ. وروي أن المشركين: قالوا: ألا ترون إلى محمد يأمر أصحابه بأمر ثم ينهاهم عنه، ويأمرهم بخلافه، ويقول اليوم قولا ويرجع عنه غدا، ما هذا القرآن إلا كلام محمد يقوله من تلقاء نفسه، وهو كلام يناقض بعضه بعضا. فأنزل الله تعالى:
وإذا بدلنآ آية مكان آية والله أعلم بما ينزل قالوا إنمآ أنت مفتر بل أكثرهم لا يعلمون
[النحل: 101]. وأنزل أيضا: { ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها أو مثلها }.
قوله تعالى: { ما ننسخ } قرأ ابن عامر (ننسخ) بضم النون وكسر السين، ومعناه على هذه القراءة نجعله نسخة من قولك: نسخت الكتاب؛ إذا كتبته. وقرأ الباقون: (ننسخ) بفتح النون والسين.
وقوله { أو ننسها } قراءة سعيد بن المسيب وشيبة ونافع وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي (ننسيها) بضم النون وكسر السين، ومعناه: نأمره بتركها. وقرأ أبي ابن كعب (أو ننسك). وقرأ عبدالله (ما ننسك من آية أو ننسخها). وقرأ سالم مولى حذيفة: (أو ننسكها). وقرأ أبو حاتم: (أو ننسها) بالتشديد. وقرأ الضحاك: (أو تنسها) بضم التاء وفتح السين. وقرأ سعد بن أبي وقاص: (أو تنساها) بتاء مفتوحة. وعن القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ (أو تنسها)، فقلت: إن سعيد ابن المسيب يقرأ (أو تنساها) فقال: (إن القرآن لم ينزل على آل المسيب. قال الله تعالى: لنبيه صلى الله عليه وسلم:
سنقرئك فلا تنسى
[الأعلى: 6]
واذكر ربك إذا نسيت
[الكهف: 24]).
وقرأ عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء وابن كثير وأبو عمرو والنخعي: (أو ننسأها) بفتح النون الأولى وفتح السين وبعدها همزة مهموزة، ومعناها: نتركها، يقال: نسيت الشيء؛ إذا تركته، ومنه قوله تعالى:
نامعلوم صفحہ