Tafsir Ibn Kathir
تفسير ابن كثير
تحقیق کنندہ
سامي بن محمد السلامة
ناشر
دار طيبة للنشر والتوزيع
ایڈیشن نمبر
الثانية
اشاعت کا سال
1420 ہجری
اصناف
تفسیر
﵁، مِنْ أَبْعَدِ النَّاسِ عَنْ ذَلِكَ فَإِنَّهُ كَمَا هُوَ الْمَشْهُورُ عَنْهُ هُوَ أَوَّلُ مَنْ وَضَعَ عِلْمَ النَّحْوِ، فِيمَا رَوَاهُ عَنْهُ أَبُو الْأَسْوَدِ ظَالِمُ بْنُ عَمْرٍو الدُّؤَلِيُّ، وَإِنَّهُ قَسَّمَ الْكَلَامَ إِلَى اسْمٍ وَفِعْلٍ وَحَرْفٍ، وَذَكَرَ أَشْيَاءَ أُخَرَ تَمَّمَهَا أَبُو الْأَسْوَدِ بَعْدَهُ، ثُمَّ أَخَذَهُ النَّاسُ عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ فَوَسَّعُوهُ وَوَضَّحُوهُ، وَصَارَ عِلْمًا مُسْتَقِلًّا.
وَأَمَّا الْمَصَاحِفُ الْعُثْمَانِيَّةُ الْأَئِمَّةُ فَأَشْهَرُهَا الْيَوْمَ الَّذِي فِي الشَّامِ بِجَامِعِ دِمَشْقَ عِنْدَ الرُّكْنِ شَرْقِيَّ الْمَقْصُورَةِ الْمَعْمُورَةِ بِذِكْرِ اللَّهِ، وَقَدْ كَانَتْ قَدِيمًا بِمَدِينَةِ طَبَرِيَّةَ ثُمَّ نُقِلَ مِنْهَا إِلَى دِمَشْقَ فِي حُدُودِ ثَمَانِ عَشْرَةَ وَخَمْسِمِائَةٍ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ كِتَابًا عَزِيزًا جَلِيلًا عَظِيمًا ضَخْمًا بِخَطٍّ حَسَنٍ مُبِينٍ قَوِيٍّ بِحِبْرٍ مُحْكَمٍ فِي رَقٍّ أَظُنُّهُ مِنْ جُلُودِ الْإِبِلِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ، زَادَهُ اللَّهُ تَشْرِيفًا وَتَكْرِيمًا وَتَعْظِيمًا (١) .
فَأَمَّا عُثْمَانُ، ﵁، فَمَا يُعْرَفُ أَنَّهُ كَتَبَ بِخَطِّهِ هَذِهِ الْمَصَاحِفَ، وَإِنَّمَا كَتَبَهَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فِي أَيَّامِهِ، رُبَّمَا وَغَيْرُهُ، فَنُسِبَتْ إِلَى عُثْمَانَ لِأَنَّهَا بِأَمْرِهِ وَإِشَارَتِهِ، ثُمَّ قُرِئَتْ عَلَى الصَّحَابَةِ بَيْنَ يَدَيْ عُثْمَانَ، ثُمَّ نَفَذَتْ إِلَى الْآفَاقِ، ﵁، وَقَدْ قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ:
حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ الطَّائِيُّ، حَدَّثَنَا قُرَيْشُ (٢) بْنُ أَنَسٍ، حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ التَّيْمِيُّ، عَنْ أَبِي نَضْرَةَ، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي (٣) أُسَيْدٍ، قَالَ: لَمَّا دَخَلَ الْمِصْرِيُّونَ عَلَى عُثْمَانَ ضَرَبُوهُ بِالسَّيْفِ عَلَى يَدِهِ فَوَقَعَتْ عَلَى: ﴿فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾ [الْبَقَرَةِ: ١٣٧]، فَمَدَّ يَدَهُ فَوَقَعَتْ: وَاللَّهِ إِنَّهَا لَأَوَّلُ يَدٍ خَطَّتِ الْمُفَصَّلَ (٤) .
وَقَالَ أَيْضًا: حَدَّثَنَا أَبُو طَاهِرٍ، حَدَّثَنَا ابْنُ وَهْبٍ قَالَ: سَأَلْتُ مَالِكًا عَنْ مُصْحَفِ عُثْمَانَ، فَقَالَ لِي: ذَهَب. يُحْتَمَلُ أَنَّهُ سَأَلَهُ عَنِ الْمُصْحَفِ الَّذِي كَتَبَهُ بِيَدِهِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ سَأَلَهُ عَنِ الْمُصْحَفِ الَّذِي تَرَكَهُ فِي الْمَدِينَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
قُلْتُ: وَقَدْ كَانَتِ الْكِتَابَةُ فِي الْعَرَبِ قَلِيلَةً جَدًا، وَإِنَّمَا أَوَّلُ مَا تَعَلَّمُوا ذَلِكَ مَا (٥) ذَكَرَهُ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ السَّائِبِ الْكَلْبِيُّ وَغَيْرُهُ: أَنَّ بِشْرَ بْنَ عَبْدِ الْمَلِكِ أُكَيْدِرَ دُومَةَ تَعَلَّمَ الْخَطَّ مِنَ الْأَنْبَارِ، ثُمَّ قَدِمَ مَكَّةَ فَتَزَوَّجَ الصَّهْبَاءَ بِنْتَ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ أُخْتَ أَبِي سُفْيَانَ صَخْرِ بْنِ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ فَعَلَّمَهُ حَرْبَ بْنَ أُمَيَّةَ وَابْنَهُ سُفْيَانَ، وَتَعَلَّمَهُ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنْ حَرْبِ بْنِ أُمَيَّةَ، وَتَعَلَّمَهُ مُعَاوِيَةُ مِنْ عَمِّهِ سُفْيَانَ بْنِ حَرْبٍ، وَقِيلَ: إِنَّ أَوَّلَ مَنْ تَعَلَّمَهُ مِنَ الْأَنْبَارِ قَوْمٌ مِنْ طَيِّئٍ مِنْ قَرْيَةٍ هُنَاكَ يُقَالُ لَهَا: بَقَّةُ، ثُمَّ هَذَّبُوهُ وَنَشَرُوهُ فِي جَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَتَعَلَّمَهُ النَّاسُ. وَلِهَذَا قَالَ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ: حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الزُّهْرِيُّ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ الشَّعْبِيِّ قَالَ: سَأَلْنَا الْمُهَاجِرِينَ مِنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتُمُ الْكِتَابَةَ؟ قَالُوا: مِنْ أَهْلِ الْحِيرَةِ. وَسَأَلْنَا أَهْلَ الْحِيرَةِ: مِنْ أَيْنَ تَعَلَّمْتُمُ الْكِتَابَةَ؟ قَالُوا: مِنْ أَهْلِ الْأَنْبَارِ (٦) .
قُلْتُ: وَالَّذِي كَانَ يَغْلِبُ عَلَى زَمَانِ السَّلَفِ الْكِتَابَةُ الْمَكْتُوفَةُ ثُمَّ هَذَّبَهَا أبو علي مقلة الوزير، وصار
(١) ذكر "كوركيس عواد" في كتابه المتقدم ذكره (ص ٣٤) أن مصحفا في متحف الآثار الإسلامية بتركيا مكتوب على الرق كتب في آخره، أنه مصحف عثمان، ﵁، وهو في هذا المتحف برقم (٤٥٧) .
(٢) في جـ: "يونس".
(٣) في طـ، جـ: "أبى".
(٤) لم أجد هذا الأثر والذي بعده في المصاحف.
(٥) في ط، جـ: "كما".
(٦) المصاحف (ص ٩) .
1 / 34