124

Tafsir Ibn Kathir

تفسير ابن كثير

تحقیق کنندہ

سامي بن محمد السلامة

ناشر

دار طيبة للنشر والتوزيع

ایڈیشن نمبر

الثانية

اشاعت کا سال

1420 ہجری

اصناف

تفسیر
وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَأَبُو يَعْلَى وَالْبَزَّارُ وَغَيْرُهُمْ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَنْطَبٍ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " عُرِضَتْ عَلَيَّ أُجُورُ أُمَّتِي حَتَّى الْقَذَاةُ يُخْرِجُهَا الرَّجُلُ مِنَ الْمَسْجِدِ، وَعُرِضَتْ عَلَيَّ ذُنُوبُ أُمَّتِي، فَلَمْ أَرَ ذَنْبًا أَعْظَمَ مِنْ سُورَةٍ مِنَ الْقُرْآنِ أَوْ آيَةٍ أُوتِيَهَا رَجُلٌ ثُمَّ نَسِيَهَا " (١) .
قَالَ التِّرْمِذِيُّ: غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ، وَذَاكَرْتُ بِهِ الْبُخَارِيَّ فَاسْتَغْرَبَهُ، وَحَكَى الْبُخَارِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الدَّارِمِيِّ أَنَّهُ أَنْكَرَ سَمَاعَ الْمُطَّلِبِ مِنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ.
قُلْتُ: وَقَدْ رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ الْآدَمِيُّ (٢) عَنِ ابْنِ أَبِي رَوَّادٍ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهِ. وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ أَدْخَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ هَذَا الْمَعْنَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى * قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا * قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى﴾ [طه: ١٢٤-١٢٦]، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ هَذَا -وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هُوَ الْمُرَادُ جَمِيعُهُ-فَهُوَ بَعْضُهُ، فَإِنَّ الْإِعْرَاضَ عَنْ تِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَتَعْرِيضَهُ لِلنِّسْيَانِ وَعَدَمَ الِاعْتِنَاءِ بِهِ فِيهِ تَهَاوُنٌ كَثِيرٌ وَتَفْرِيطٌ شَدِيدٌ، نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْهُ؛ وَلِهَذَا قَالَ ﵇: "تَعَاهَدُوا الْقُرْآنَ"، وَفِي لَفْظٍ: " اسْتَذْكِرُوا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ أَشَدُّ تَفَصِّيًا مِنْ صُدُورِ الرِّجَالِ مِنَ النَّعَمِ ".
التَّفَصِّي: التَّخَلُّصُ يُقَالُ: تَفَصَّى فُلَانٌ مِنَ الْبَلِيَّةِ: إِذَا تَخَلَّصَ مِنْهَا، وَمِنْهُ: تَفَصَّى النَّوَى مِنَ التَّمْرَةِ: إِذَا تَخَلَّصَ مِنْهَا، أَيْ: إِنَّ الْقُرْآنَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الصُّدُورِ مِنَ النَّعَمِ إِذَا أُرْسِلَتْ مِنْ غَيْرِ عِقَالٍ.
وَقَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ -يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ-: إِنِّي لَأَمْقُتُ الْقَارِئَ أَنْ أَرَاهُ سَمِينًا نَسِيًّا لِلْقُرْآنِ (٣) .
حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ، عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي رَوَّادٍ قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ بْنَ مُزَاحِمٍ يَقُولُ: مَا مِنْ أَحَدٍ تَعَلَّمَ الْقُرْآنَ ثُمَّ نَسِيَهُ إِلَّا بِذَنْبٍ يُحْدِثُهُ؛ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: ﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ﴾ [الشُّورَى: ٣٠]، وَإِنَّ نِسْيَانَ الْقُرْآنِ مِنْ أَعْظَمِ الْمَصَائِبِ (٤) .
وَلِهَذَا قَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهَوَيْهِ وَغَيْرُهُ: يُكره لِرَجُلٍ أَنْ يَمُرَّ عَلَيْهِ أَرْبَعُونَ يَوْمًا لَا يَقْرَأُ فِيهَا الْقُرْآنَ، كَمَا أَنَّهُ يُكره لَهُ أَنْ يَقْرَأَ فِي أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ، كَمَا سَيَأْتِي هَذَا، حَيْثُ يَذْكُرُهُ الْبُخَارِيُّ بَعْدَ هَذَا، وَكَانَ الْأَلْيَقُ أَنْ يُتْبِعَهُ هَذَا الْبَابَ، وَلَكِنْ ذَكَرَ بَعْدَ هَذَا قوله:

(١) سنن أبي داود برقم (٤٦١) وسنن الترمذي برقم (٢٩١٦) ومسند أبي يعلى (٧/ ٢٥٣) .
(٢) في جـ: "الأموى".
(٣) فضائل القرآن (ص ١٠٤) وفيه انقطاع بين النخعي وابن مسعود.
(٤) فضائل القرآن (ص ١٠٤) .
الْقِرَاءَةُ عَلَى الدَّابَّةِ
حَدَّثَنَا حَجَّاجٌ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، أَخْبَرَنِي أَبُو إِيَاسٍ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مُغَفَّلٍ، ﵁،

1 / 73