استوى؟ وما معناه (1)؟
فقال : تأويله : ملكه للأشياء وارتفاعه عليها واعتلاه ، (2) كما يقول القائل : استوى فلان على ملك فلان فاستوى ، (3) يريد ملك ما كان يملك فلان كله سواء.
وكذلك يقول إذا ملك ملكه قعد على عرش فلان وجلس ، وليس يريد (4) أن عرشه مقعد له ولا مجلس ، وقد يكون العرش لكل شيء سقفه وأعلاه ، كما جعل الله أعلا ما خلق من السماوات منتهاه ، فأي هذا كله قال به (5) في مثل استوى على العرش قائل ، لم يخط في تأويله به قائل ولا متأول.
فأما ما يذهب إليه الجاهل ، من أن العرش لله مقعد وحامل ، تحيط به أقطاره ، وتحويه أقداره ، (6) فلا يجوز في الألباب ، تأويله على رب الأرباب ، ومن تأول ذلك في الله ، فهو من الجاهلين بالله ، فنعوذ بالله من الجهل به وبجلاله ، ومن القول بذلك فيه وأمثاله ، وحسبنا الله لا إله إلا هو عليه توكلنا وهو رب العرش العظيم.
وإذا كان العرش كما قال الله مربوبا وكان الله له ربا مبتدعا ، لم يخل من أن يكون لله خلقا وصنعا ، وإذا كان ذلك كذلك ، وعلى ما يقول الجهلة في ذلك ، كان الله قبله ، وكان الله إذا لم يكن العرش قديما ولا عرش له ، فدخل عليهم في ذلك ما أخزاهم ، وبين جهلهم فيه وعماهم ، وأظهر كذبهم فيه وافتراهم ، وقلة رشدهم فيه وهداهم. والحمد لله رب العالمين على ما بين من عماية العمين ، وتولى من هداية المهتدين.
وفي مثل ذلك من الأمثال ، وما يراد به غيره من المقال ، ما يقول الأول :
صفحہ 682