تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
اصناف
{ قل أتحآجوننا } اتخاصموننا مع علمكم بأن ديننا حق وان دينكم منسوخ او مع جهلكم بحقية ديننا وبطلانه يعنى هل تكون محاجتكم محض الغلبة علينا من غير اعتبار حقية ما تحاجون به او بطلانه فان المحاجه لا تستعمل الا فى المبالغة فى المخاصمة { في الله } اضاف اليه قوله فى الله ليكون من القضايا التى قياساتها معها بالنسبة الى انكار المحاجة يعنى انتم تخاصمون فى فضل الله وانعامه على عباده، وكل من يخاصم فى فضل الله على عباده مطرود عن الخير؛ فأنتم مطرودون عن الخير ولذا أضاف اليه قوله تعالى { وهو ربنا وربكم } يعنى ينبغى لنا ولكم التوافق والتسليم لأمره لا المحاجة فى أمره { ولنآ أعمالنا ولكم أعمالكم } يعنى ان كنتم تحاجوننا فى الله فهو ربكم كما أنه ربنا، وان كنتم تحاجوننا لانكاركم علينا اعمالنا فلا ضرر من اعمالنا عليكم حتى تخاصموننا بل نفعها لنا وضررها علينا ولا تنقصكم من أعمالكم شيئا حتى تحاجونا لذلك { ونحن له مخلصون } واقتضاء الاخلاص ان لا يتضرر أحد بعملنا وان لا يخاصمنا من انتسب اليه تعالى.
[2.140]
{ أم تقولون إن إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط كانوا هودا أو نصارى } اى تعتقدون ذلك وتثبتون بذلك على دينكم وتنكرون ما وراءه وتحتجون علينا فيه { قل أأنتم أعلم أم الله } وقد أخبرنا الله بان ابراهيم ما كان يهوديا ولا نصرانيا واحتج عليه بما لا مرد له من قوله ما انزلت التوراة والانجيل الا من بعده وبهذين الكتابين ثبتت اليهودية والنصرانية { و } قل تعريضا بهم وبكتمانهم شهادة الله لمحمد (ص) التى ثبتت فى كتبهم وأخبرهم بها اسلافهم { ومن أظلم ممن كتم شهادة عنده من الله } اى ممن كتم شهادة ثابتة من الله مودعة عنده فقوله { من الله } ليس متعلقا بكتم بل هو صفة لشهادة ولفظة من ابتدائية داخلة على فاعل المصدر مثل زعما منهم { و } قل { وما الله بغافل عما تعملون } لتهديدهم او قوله ومن اظلم ممن كتم ابتداء قول من الله.
[2.141]
كرر العبارة للتأكيد فى الزجر عن الافتخار بالآباء والاتكال على الانساب فانه كان ديدن العامة قديما وجديدا كما كان المحاجة بالآباء والتعصب لدينهم ديدنهم.
[2.142]
{ سيقول السفهآء من الناس } اخبار من الله بما سيقع منهم والمراد بالسفهاء من خفت احلامهم واعتادوا ما رأوا من آبائهم ولم ينظروا بعقولهم ولم ينقادوا الذى نظر من المنافقين والمشركين واهل الكتاب { ما ولاهم عن قبلتهم التي كانوا عليها } يعنى بيت المقدس { قل } بعد ما قالوا ذلك { لله المشرق والمغرب يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم } وهو من الله ما اقتضته حكمته ومن الخلق التسليم لأمره روى أنه جاء قوم من اليهود بعد انصرافه (ص) الى الكعبة فقالوا: يا محمد (ص) هذه القبلة بيت المقدس قد صليت اليها اربع عشرة سنة ثم تركتها الان افحقا كان ما كنت عليه فقد تركته الى باطل فان ما يخالف الحق فهو باطل، او كان باطلا فقد كنت عليه طول هذه المدة فما يؤمننا ان تكون الان على باطل؟ - فقال رسول الله (ص) بل ذلك كان حقا وهذا حق يقول الله تعالى: { قل لله المشرق والمغرب يهدي من يشآء إلى صراط مستقيم }
" اذا عرف صلاحكم يا ايها العباد فى استقبال المشرق أمركم به، واذا عرف صلاحكم فى استقبال المغرب أمركم به "
؛ الى آخر الحديث.
[2.143]
نامعلوم صفحہ