تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
اصناف
{ ألم تر إلى الذين يزكون أنفسهم } تعجيب من تزكيتهم انفسهم بعد ما سبق من حالهم وتهديد لهم والتزكية اما بمعنى نسبة الطهارة الى الانفس وعدها زاكيات طاهرات او بمعنى ازالة الدرن عن الانفس بأفعالهم وأذكارهم وكل واحد اما بالقول مثل ان قال انى لم اعص، واصوم كذا، واصلى كذا، وانفق كذا؛ وغير ذلك، او مثل ان داوم على ذكر اللسان بنفسه من دون اذن واجازة قصدا الى تحصيل كمال النفس وتطهيرها من نقائصها من غير مراياة، واما بالفعل مثل ان فعل الافعال الحسنة مراءاة واظهارا للناس انه زاهد راغب فى الآخرة، او مثل ان اشتغل بالافعال الحسنة والرياضات من قبل نفسه من غير مراءاة بل لتحصيل كمال النفس وطهارتها ظنا منه ان افعاله تزكى نفسه والكل خيال باطل فان المراءاة فعلا او قولا من اعظم المعاصى والعمل من قبل النفس لتزكيتها لا يزيد الا فى شقائها { بل الله يزكي من يشآء } يظهر طهارة من يشاء من دون حاجة الى اظهارهم، او يطهر من الادناس والرذائل من يشاء لا من اراد ان يزكى نفسه بعمله لانها فضل من الله لا يمكن اكتسابه بالعمل بل العمل ان كان بأمر خلفائه يعد النفس لقبول ذلك الفضل، والاية ان كانت نازلة فى اليهود والنصارى لقولهم:
نحن أبناء الله
[المائدة:18]، و
لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى
[البقرة:111] فالتعريض بمنافقى الامة الذين فى اقوالهم وافعالهم مراءاة فى نسبة الطهارة الى انفسهم قولا وفى رياضاتهم وعباداتهم الشاقة من قبل انفسهم قصدا للتفوق فى الكمال على اقرانهم، ولما توهم من هذا ان العمل لا ينجع فى طهارة النفس فمن شاء الله زكاه ومن لم يشأ لم يزكه رفع هذا الوهم فقال تعالى { ولا يظلمون فتيلا } بنقص اجر العامل او بعقوبته اذا وقع العمل على وجهه ولا بزيادة عقوبة العاصى.
[4.50-51]
{ انظر كيف يفترون على الله الكذب } فى نسبة الطهارة الى انفسهم او فى تحصيل الطهارة بفعلهم ظنا منهم ان فى فعلهم رضى الله واذنه ولما كان الافتراء على الله المندرج فى تزكيتهم انفسهم غير ظاهر على كل راء ومدرك اتى بلفظ انظر الدال على التأمل والتعمل فى الادراك بخلاف تزكيتهم وايمانهم بالجبت والطاغوت حيث يراهما كل راء { وكفى به إثما مبينا ألم تر إلى الذين أوتوا نصيبا من الكتاب } كمنافقى امتك وان كان نزوله فى اهل الكتاب فالتعريض بهم يتركون وصيك و { يؤمنون بالجبت } اسم صنم ثم استعمل فى كل ما عبد من دون الله { والطاغوت } مقلوب طيغوت مبالغة فى الطاغى سمى به الشيطان ثم كل من بالغ فى الطغيان { ويقولون للذين كفروا } اى فى حقهم { هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلا } اصلهم على (ع) ثم الائمة من بعدهم ثم شيعتهم.
[4.52]
{ أولئك الذين لعنهم الله } بطردهم عن بابه وصرفهم عن الولاية والمتابعة لمن هو بمنزلته { ومن يلعن الله } عن باب الولاية { فلن تجد له نصيرا } لان النصرة هى الاعانة للمنصور فى جلب منفعة او دفع مضرة على سبيل الترحم عليه وهى موقوفة على معرفة المنافع والمضار ومعرفة الرحمة ومحلها فمن اعان رجلا على قتل محبوبه او شرب سم وترحم عليه فى ذلك لم يكن ذلك نصرة ولا ترحمه ترحما بل عداوة وسخطا وان سماه المحجوبون عن ادراك الاشياء كما هى نصرة، والعارف بحقائق الاشياء هم الا نبياء والاولياء (ع) ومن طرد عنهم لم يكن له ناصر فى الارض ولا فى السماء والناصرون له من هذه الجهة اعداء له حقيقه ولذلك يظهر يوم القيامة ان الاخلاء بعضهم كان لبعض عدوا الا الذين آمنوا فان خلتهم ونصرتهم من جهة ايمانهم توجب قربهم الى باب الولاية ثم صرف القول عن التابعين الى المتبوعين فقال تعالى { أم لهم }.
[4.53]
نامعلوم صفحہ