تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
تفسير بيان السعادة في مقامات العبادة
اصناف
{ وبالآخرة هم يوقنون } الايقان اتقان العلم بحيث لا يعتريه شك وارتياب ولا يشوبه تقليد واعتياد والحصر المستفاد من تقديم الضمير سواء كان مسندا اليه او للفصل اشعار بان الايقان الذى هو من صفات العقلاء مختص بهؤلاء الموصوفين بما ذكر دون غيرهم فانهم أصحاب النفوس التى ليس من شأنها الا الظن والشك والريبة، وعلومهم ان كانت برهانية فهى ظنون ولا يخلو من شوب ريبة وتقليد وعادة، وتقديم الظرف على تقدير كونه معمولا ليوقنون لا على تقدير جعله عطفا على بما أنزل لمراعاة رؤس الاى وللحصر مشارا به الى ان هؤلاء الموصوفين بالاوصاف السابقة المختص بهم اليقين ليس علمهم وايقانهم الا متعلقا بالآخرة لانهم جعلوا الآخرة نصب أعينهم وغاية هممهم فلا يلتفتون الى غيرها حتى يتعلق يقينهم به بخلاف غيرهم فانهم جعلوا الدنيا نصب أعينهم ونبذوا الآخرة وراء ظهورهم فلا تعلق لعلمهم النفسانى بالآخرة لان علومهم مقصورة على الدنيا وعلى ما يلزم العيش فيها فتكون نفسانية غير ايقانية يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون، ذلك مبلغهم من العلم؛ وقد قيل بالفارسية:
اندر اين سوراخ بنائى كرفت
در خور سوراخ دانائى كرفت
جون بى دانش نه بهرروشنى است
همجو طالب علم دنياى دنيست
طالب علم است بهرعام وخاص
نى كه تايابد ازاين عالم خلاص
همجو موشى هرطرف سوراخ كرد
جونكه نورش راند ازدركشت سرد
والآخرة تأنيث الآخر كان فى الاصل وصفا والتأنيث باعتبار الموصوف الذى هى الدار ثم غلب عليه الاسمية، واطلاق الآخرة على عالم الغيب باعتبار انها للانسان بعد الدار الدنيا ومتأخرة عنها، فان كان المراد بالغيب المبدء والعوالم العالية فى سلسلة النزول؛ وبالآخرة العوالم المتأخرة فى سلسلة الصعود يعنى المعاد فالكلام تأسيس، وان كان المراد بالغيب مطلق العوالم العالية مبدء ومعادا فالكلام مبتن على ذكر الخاص بعد العام وكان الكلام باعتبار ذكر الايقان بعد الاسمان تأسيسا ايضا.
نامعلوم صفحہ