Tafsir Al-Uthaymeen: Surah Fussilat
تفسير العثيمين: فصلت
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٧ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
هُو إقامةٌ للحُجَّةِ في نفْسِ الوَقتِ؛ أي: تَكفُرون بِهذا مَع أنَّ أصْنامَكم لا تَفْعَلُه.
وقولُه: ﴿لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ﴾ قال المُفسِّرُ: [الأحَد والاثنين]؛ لأنَّ أوَّلَ يومٍ ابتَدأ فيه اللهُ الخَلْقَ الأحَدُ.
وقولُه: ﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا﴾ الواوُ حرْفُ عطْفٍ، و"تَجعَلُون" مَعطُوفةٌ على "تَكفُرون"، لا على الصِّلةِ يَعني: لا على "خَلَقَ".
وقولُه: [﴿وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَنْدَادًا﴾ شركاء]، أنْدادًا جَمْع نِدٍّ، والنِدُّ في الأصْلِ هُو المُساوي والمُماثِلُ، يُقالُ: هَذا نِدُّ هَذا؛ أيْ: مُماثِلٌ له ونَظِيرٌ له، والمُرادُ بِهم هُنا: الشُّركاءُ الَّذِين يعبُدُونهم كما يَعبُدون اللهَ، والعَجَبُ أنَّ هؤُلاء المُشرِكين مِن سَفَهِهم يَقولون: إنَّما نعْبُدُهم لِيُقرِّبونا إلَى اللهِ، تَعْبدُونهم مَع اللهِ وتَقُولون: يُقرِّبونا إلَى الله؟ ! إنَّ الله غنِيٌّ عنْ هذا، وهَذا لا يَزيدُكم مِن الله إلَّا بُعدًا.
وقولُه تَعالَى: ﴿ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ذلِك، أَتَى باسِم الإشارة دُون الضَّمِير، ثمَّ جعَلَها إشارةَ بُعدٍ للتَّعْظيمِ والتَّفخيمِ والتَّعلِيةِ، لأنَّ البُعدَ هُنا إشارةٌ إلَى المَكانِ العالي ﴿ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾، ولَو قال: "هُو ربُّ العالمَين" استَقام الكَلامُ، لكِن لمْ يَحصُل ما تدلُّ علَيْه الإشارةُ مِنَ التَّعظيمِ، ثمَّ ما يدُلُّ علَيْه صِيغَةُ البُعدِ منَ العُلُوِّ. ونظِيرُ ذلِك: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ﴾ [البقرة: ١ - ٢]، ولمْ يَقُلْ: "هوَ الكِتابُ"، ولا: "هَذا الكِتابُ"، إشارةً إلَى ما ذكَرنا.
قولُه: ﴿ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ قال المُفسِّرُ: [مالِك] وفِي هَذا التَّفسير قُصورٌ، بلْ نقُولُ: خالِقٌ ومالِكٌ ومدبِّر؛ لأنَّ الرُّبوبيَّةَ هِي الجلْقُ والمُلكُ والتَّدبِيرُ، فإذا قُلنا: مالِكٌ، صار في هذا قُصُورٌ، فقَولُه: ﴿ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ أي: خالِقُهم ومالِكُهم ومدبِّرُ أمُورِهم.
1 / 57