Tafsir Al-Uthaymeen: Saba
تفسير العثيمين: سبأ
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
جِيءَ مرَّةً بمَصروع إلى شيخِ الإسلام ابن تيميَّةَ ﵀ فوَعَظ الجِنِّيَ الذي صرَعه ونَصَحه وقال له: اخْرُجْ. فقال: إني لا أَخرُج، إني أُحِبُّه وكانت امرأةً التي صرَعَتْه، قالت: إني أُحِبُّه. فقال شيخُ الإسلامِ ﵀: لكنه لا يُحِبُّكِ. فقالَتْ: إني أُريد أن أَحُجَّ به - بأَنْ تَحمِله إلى مَكَّةَ - فقال: إنه لا يُريد أن يَحُجَّ معَكِ. ثُم وعَظَها فلَمْ تَتَّعِظْ، ثُم ضرَبَها شيخُ الإسلام ابنُ تَيميَّةَ ﵀، جعَل يَضرِبها على رقَبةِ هذا المَصروع؛ يَقول: حتى تَعِبَت يَدي مِن الضَّرْب. فقالت: أنا أَخرُج كرامةً للشَّيْخ. فقال: لا تَخرُجي كرامةً لي، اخْرُجي طاعةً لله تعالى ورسوله ﵊. فخَرَجت على ألَّا تَعود، فأَفاق الرجُلُ، فلمَّا أَفاق قال: ما الذي جاء بي إلى حَضْرة الشيخِ؛ يَعنِي: شيخَ الإسلام ابنَ تيميَّةَ ﵀، فقِيلَ له: "إنه قد فعَل كذا وكذا. فقال: والله ما أَحْسَسْتُ بشيء من هذا، لا أنّي خاطَبْته ولا أنه ضرَبَني. وهذه القِصَّةُ ذكَرَها ابنُ القَيَّم ﵀ في زاد المعاد (^١) عن شيخه، وابنُ القَيِّمِ ثِقَة، وشيخ الإسلام كذلك ثِقَة، وقد ورَدَ مِثْلُ ذلك عن الإمامِ أحمدَ (^٢) ﵀.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: هل يَتَلبَّس الجِنِّيُّ الذَّكَر بالإِنْسيِّ الذَّكَر، والعكسُ، أم أنه فقَطْ يَتَلبَّس الرجُلَ امرأةٌ والعَكسُ المرأةُ يَتَلبَّس بها رجُل من الجِنِّ؟
فالجوابُ: قد يَتَلبَّس بالرجُل رجُلٌ، وَيكون مَثَلًا مُولَعًا به لسبَب من الأسباب، وكذلك العكسُ.
إِذَنِ: الجِنُّ نَقول في تَعريفهم: عالَمٌ غَيْبيٌّ مُستَتِرون عن الإنس، وربَّما يَظهَرون، ومِنْهم صالِح، ومِنْهم دون ذلك، ومِنْهم قاسِط، ومنهم مُسلِم، وَيأكُلون وَيشرَبون
_________
(^١) زاد المعاد (٤/ ٦٣).
(^٢) انظر: الفروع (٢/ ٤٦٦).
1 / 103