Tafsir Al-Uthaymeen: Luqman
تفسير العثيمين: لقمان
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
وقوله تعالى: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾، قال المُفَسِّر ﵀: [﴿أَنْ﴾ لا ﴿تَمِيدَ﴾ تَتَحرَّك ﴿بِكُمْ﴾] فقَدَّر (لا) النافية بعد (أَنْ)، وهذا مَوْجود، فإنَّ (لا) النافيةَ قد تُقدَّر بعد (أَنْ) مع حَذْفها؛ وقد تُوجَد بعد (أَنْ) وهي زائِدة مثل قوله تعالى: ﴿لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتَابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللَّهِ﴾، فهنا (لا) زائِدة بعد (أَنْ)، والتقدير: لأَنْ يَعلَم أهل الكتاب أَنْ لا يَقدِرون.
وقد تُحذَف وتَكون مُقدَّرة كما في هذه الآيةِ: أن لا تمَيد بكم؛ لأنّهُ مِن المعلوم أنَّ اللَّه تعالى ما أَلقَى هذه الرواسِيَ لِأَجْل أن تَميدَ بنا، وإنما أَلقاها لئَلَّا تَميد، فتكون (لا) هنا عَيَّنَها السِّياق.
وقال بعض المُعْرِبين: أنه لا تُقدَّر (لا)، بل يُقدَّر اسم مُناسِب، أي: كراهةَ أن تَميدَ بكُمْ، نعَمْ، وقالوا: إنَّ هذا أَوْلى؛ لئلا نُفسِّرَ الإثباتَ بالنفي؛ لأننا إذا قلنا: التقدير: أن لا تَميد بكم. فسَّرنا الإثباتَ بالنفي، فإذا قُلْنا: كراهةَ أن تَميد بكم. فإننا نُفسِّر الإثباتَ بإثباتٍ، لكن على تَقدير المُضاف.
وهذا له نظير مِثْل قوله تعالى: ﴿يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا﴾ [النساء: ١٧٦]، فالبَيان هنا سبَبٌ لِعدَم الضلال، إِذَنِ المَعنَى: يُبَيِّن اللَّه تعالى لكم كراهةَ أن تَضِلُّوا، على قول، أو أَنْ لا تَضِلُّوا، على قولٍ آخَرَ.
وقوله تعالى: ﴿أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ﴾: ﴿تَمِيدَ﴾، قال ﵀: [تَتَحرَّك بِكُمْ]، فَسَّر المُفَسِّر المَيَدَان بِالحرَكة.
والصواب: أنَّ المَيَدان حرَكة خاصة، وهو الاضطِراب، وليس مجُرَّد الحرَكة، فاللَّهُ ﷾ أَلقَى في الأرض رَواسِيَ حتى لا تمَيدَ؛ أي: لا تَضطَرِب، وذلك لأنَّ الأرض مَوْضوعة على الماء، فإنَّ جميع جوانب الأرض من كل ناحية ماء،
1 / 55