235

Tafsir Al-Uthaymeen: Az-Zumar

تفسير العثيمين: الزمر

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٦ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

نَأخُذ بذلك أو نَرُدَّه على حسَب ما يُوافِق التَّجرِبة؛ فهل هذا يَكون من رَدِّ حُكْم النبيِّ ﷺ أو لا؟
أَقول: إذا قال النبيُّ ﷺ قولًا ولم يَثبُت في حياته أنه رجَعَ عنه فقوله باقٍ ولا يَجوز أن نُخالِفه، ولو كان في مَسأَلة طِبٍّ؛ ولهذا لمَّا قال ﷺ: "إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ فِي شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ، ثُمَّ لْيَنْزِعْهُ، فَإِنَّ فِي أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً، وَفي الْآخَرِ دَوَاءً" أو قال: "شِفَاءً" (١)، فلا يَجوز أن نَقول: واللهِ هذا يُخالِف الطِّبَّ. بل يَجِب علينا أن نَقول: هذا حَقٌّ، ثُمَّ نَعلَم أن الطِّبَّ لم يَصِل إلى هذا العِلْم، أمَّا إذا كان في حَياته ثُمَّ هو نفسه تَراجَع عنه فهذا لا بأسَ.
فمثَلًا الآنَ: النَّجَّارون أَعلَمُ مِنَّا بالنِّجارة، فالنَّجَّار يَعرِف كيف يَنجُر ونحن لا نَعرِف، والمُهَندِسون الذين يَصنَعون السيَّاراتِ، والذين يَصنَعون الراديو، والذين يَصنَعون الساعاتِ أَعلَمُ منَّا بها، فقوله ﷺ: "أَنْتُمْ أَعْلَمُ بِأُمُورِ دُنْيَاكُمْ"، يَعنِي: ما تَصنَعونه وتُباشِرونه على وجهٍ مَحسوس فأنتُم أَعلَمُ بها، أمَّا أَحكام دُنْيانا فهي إلى الله تعالى ورسولِه ﷺ هما أَعلَمُ بذلك.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: اختِلاف مَراتِب الذُّنوب؛ فإن الذُّنوب مَراتِبُ تَتَفاضَل كما أن الحَسَناتِ مَراتِب تَتَفاضَل.
الْفَائِدَةُ الخَامِسَةُ: أنه يَنبَني على هذه الفائِدةِ زيادة الإيمان ونَقْصه؛ لأنه كلَّما كان الذنب أَعظَمَ كان نَقْص الإيمان به أكبَرَ.
الْفَائِدَةُ السَّادِسَةُ: وجوب تَصديق مَن قامَتِ البَيِّنة على صِدْقه؛ لقوله تعالى:

(١) أخرجه البخاري: كتاب بدء الخلق، باب إذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه، رقم (٣٣٢٠)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 239