Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
يقُولُ عُلماءُ البلَاغَةِ وعُلماءُ النَّحْو: إنَّ زِيادَةَ الكلِمَةِ -يعْنِي: الحرْفَ فِي الجُملَةِ- تدُلُّ عَلَى التَّوكيدِ، يعْنِي: كُلُّ كلمَةٍ زَائدَةٍ فِي القُرآنِ مِنْ حَيثُ الإعْرَابُ فهِيَ مُفيدَةٌ للمَعْنَى.
وقولُهُ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ لَا يَقبَلُون ولَا يَسكُتُون، بَلْ يَستَهزئُونَ، والاستِهزَاءُ: السُّخريةُ؛ بمَعْنَى: أنَّهُم يَسخَرُون بهِمْ ويَحتَقِرُونهُم؛ ليُحذِّرُوا النَّاسَ منْهُم، فانْظُرْ إِلَى رَحْمَةِ اللهِ ﷿ كَيفَ يُرْسِلُ الرُّسُلَ وهُوَ يَعلَمُ أن هؤُلاءِ المَدعُوِّين سيقابِلُونهُمْ بالاستِهْزَاءِ، ولكِنْ إقَامَةً للحُجَّةِ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن اللهَ تعالى أَرْسَلَ عَدَدًا كثِيرًا مِنَ الأنْبِياءِ فِي السَّابقِينَ، وقَدْ جَاءَ فِي بَعْضِ الأحَادِيثِ أنَّهُم مِئَةٌ وأربَعَةٌ وعِشرُونَ ألفًا، فاللهُ أَعلَمُ؛ لأَنَّ هَذَا يَحتَاجُ إِلَى دَلِيلٍ صَحِيحٍ صَرِيحٍ، وقَدْ قَال اللهُ ﷾: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيكَ﴾ [غافر: ٧٨]، ومعْلُومٌ أن مَنْ لَمْ يُقْصَصْ علَينا فلَنْ نَستَطِيعَ أَنْ نَعرِفَ عدَدَهُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن اللهَ تعَالى أَقَامَ الحُجَّةَ عَلَى جَمِيعِ الخَلْقِ، ويُؤيِّدُ هَذَا قَولُهُ: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إلا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤].
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: تَسلِيةُ النَّبيِّ - صلى الله عليه وعلى آله وسلم - فِي قَوْلِهِ: ﴿وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ نَبِيٍّ إلا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ﴾ فإِنَّ النَّبيَّ ﷺ إِذَا عَلِمَ أن الرُّسلَ مِنْ قَبْلِهِ يُستَهْزَأُ بهِمْ فإِنَّهُ يَتَسلَّى ولَا شكَّ.
واعْرِفْ أنْتَ هَذَا مِنْ نفسِكَ؛ فإِذَا أُصِبْتَ بمُصيبَةٍ وأُصِيبَ غَيرُك بمِثْلِهَا أَوْ أشَدَّ، ألَسْتَ تَتَسلَّى بهَذَا وتهونُ عَلَيكَ المُصيبَةُ؟ بلَى، وفِي هَذَا يَقُولُ اللهُ ﷾:
1 / 55