Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf
تفسير العثيمين: الزخرف
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
لَا طِيبَ لِلْعَيْشِ مَا دَامَتْ مُنَغْصَّةً ... لَذَّاتُهُ بِادِّكَارِ المَوْتِ وَالهَرَمِ (^١)
صَحِيحٌ أن الإنسَانَ إِذَا تَذكَّر أينَ مَآلُهُ، إمَّا مَوْت مُبكِّر، وإمَّا هَرَم مخُرِف، الْآنَ يُوجَدُ الَّذِين بلَغُوا عُمْرًا طَويلًا، ووَصَلُوا إِلَى حَدِّ الهَرْمَةِ، هُمْ بأنفُسِهم مُتضَايِقُون وأهلُوهُم مُتضَايِقُون، تَجِدُ الإنسَانَ يَتَضَايَقُ مِنْ أبِيهِ وأُمِّهِ، وإِنْ كَانَ المُؤمِنُ يَصْبِرُ لكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَتَضَايَقَ، أَوْ مَوْت عَاجِلٌ ويَنتَهِي المَوضُوعُ.
هَذَا حَالُ الدُّنيَا فِي الوَاقِعِ، ولذَلِكَ الغَنِيمَةَ الغَنِيمَةَ، بَادِرِ العُمرَ قَبْلَ فَواتِهِ، اعْمَلْ صَالِحًا، وطَلَبُ العِلْمِ مِنْ أفْضَلِ الأعمَالِ، لكِنْ بشَرْطِ أَنْ يَكُونَ العَالِمُ عَامِلًا، أمَّا عِلْمٌ بلَا عَمَلٍ فالجَهْلُ -واللهِ- خَيرٌ مِنْهُ.
من فوائد الآية الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: أن هذ المُتعَةَ الدُّنيويَّةَ مَا هِيَ إلَّا مَتَاعُ الحيَاةِ الدُّنيا فهِيَ زائِلَةٌ.
ويَتفَرَّع عَلَى هذِهِ الفائِدَةِ: أَنْ لَا يَتعَلَّق الإنسَانُ بهَا، وأَنْ لَا يَهتَمَّ بِهَا، وأَنْ يَعْلَمَ أنَّهُ عَائِشٌ بدُونِهَا ولَيسَ لَكَ مِنَ الدُّنيا إلَّا مَا أَكَلْتَ فأَفْنَيتَ، أَوْ لَبِسْتَ فأَبْلَيتَ، أَوْ تَصَدَّقت فأَمْضَيتَ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: التَّزهِيدُ فِي هذ الأُمُورِ، وأَنْ لَا تَهتَمَّ بِهَا، لَا تُعلِّقْ قَلْبَكَ بمَظَاهِرِ الدُّنيَا، فإِنَّك إِنْ فعَلْتَ هَلَكْتَ؛ ولهذَا كَانَ النَّبيُّ ﷺ إِذَا رَأَى مِنَ الدُّنيا مَا يُعجِبُه قَال: "لَبَيكَ إِنَّ الْعَيشَ عَيشُ الْآخِرَة" (^٢)، لبَّيكَ يَعْنِي: إجَابَةً لَكَ؛
(^١) غير منسوب، وانظره في: أوضح المسالك (١/ ٢٣٩)، شرح ابن عقيل (١/ ٢٧٤)، همع الهوامع (١/ ٤٢٨).
(^٢) أخرجه البخاري: كتاب المناقب، باب دعاء النَّبيِّ ﷺ: أصلح الأنصار والمهاجرة، رقم (٣٧٩٥)، ومسلم: كتاب الجهاد والسير، باب غزوة الأحزاب، رقم (١٨٠٤)، من حديث أنس ﵁.
1 / 145