130

Tafsir al-Uthaymeen: Az-Zukhruf

تفسير العثيمين: الزخرف

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٦ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

وذكَرْنَا أَنَّ اللهَ ﷿ قَال للجَنَّةِ: "أنتِ رَحْمَتِي أرْحَمُ بِكِ مَنْ أَشَاءُ" (^١)، لكن كونه قَصَرهَا عِلَى وَاحِدٍ مِنَ الرَّحمَةِ فهَذَا قُصُورٌ.
من فوائد الآيات الكريمة:
الْفَائِدَةُ الأُولَى: مُجَادَلَةُ المُشرِكِينَ بالبَاطِلِ؛ لقَوْلهِمْ: ﴿وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْآنُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ﴾ وَجْهُ ذَلِكَ أن قُرَيشًا تَعرِفُ أن محُمَّدًا ﷺ أحقُّ النَّاسِ بالرِّسَالةِ لَوْ صَدَّقُوا بِهَا؛ لأنَّهُ مِنْ خِيرَةِ العَرَبِ نَسَبًا، ولأنَّهُ الأَمِينُ الصَّادِقُ، وهُمْ يُسمُّونَهُ الأمِينَ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأتِيَ بالرِّسَالةِ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أن القَريَةَ تُطلَقُ عَلَى المُدُنِ الكَبِيرَةِ، بَلْ عَلَى أُمِّ المُدُنِ؛ لقَولِهِ: ﴿مِنَ الْقَرْيَتَينِ عَظِيمٍ﴾؛ ولقَولِهِ تعَالى فِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ الَّتِي أَخْرَجَتْكَ﴾ [محمد: ١٣]، قَريتُهُ الَّتِي أَخْرَجَتْهُ هِيَ مَكَّةُ، فِي عُرْفِنَا الْآنَ تُطلَقُ القَريَةُ عَلَى المدِينَةِ الصَّغيرَةِ، ولَوْ أنَّكَ قُلْتَ لأَهْلِ المدِينَةِ الكَبيرَةِ: أنْتُم أهْلُ القَريَةِ. لاشْتَاطُوا غَضَبًا، ولكِنْ يُقَالُ: القُرآنُ بينَنَا، القَريَةُ تُطلَقُ حتَّى عَلَى المدِينَةِ الكَبيرَةِ؛ لأَنَّها مَأخُوذَةٌ مِنَ القَرْيِ، وهُوَ الاجتِمَاعُ.
الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: إنكَارُ اللهِ علَيهِمْ، وبيَانُ أنَّهُم لَيسُوا الَّذِين يَقسِمُون رحمَةَ اللهِ؛ لقَولِهِ: ﴿أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ﴾.
الْفَائِدَةُ الرَّابِعَةُ: إقَامَةُ الدَّليلِ الَّذِي لَا انفِكَاكَ عَنْهُ بأَنَّهُم لَا يَستَطِيعُونَ قَسْمَ رَحمَةِ اللهِ، يُؤخَذُ مِنْ قَولِهِ: ﴿نَحْنُ قَسَمْنَا بَينَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ﴾ فهَذَا لَا يُمكِنُهم إنكَارُهُ،

(^١) أخرجه البخاري: كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى: ﴿وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ﴾، رقم (٤٨٥٠)، ومسلم: كتاب الجنة، باب النار يدخلها الجبارون، رقم (٢٨٤٦)، من حديث أبي هريرة ﵁.

1 / 134