الآية (١١)
* * *
* قَالَ اللهُ ﷿: ﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَمِنَ الْأَنْعَامِ أَزْوَاجًا يَذْرَؤُكُمْ فِيهِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ﴾ [الشورى: ١١].
* * *
﴿فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾ ﴿فَاطِرُ﴾ خبرُ المبتدأِ المحذوفِ، والتقديرُ: هو فاطرُ، وإنما قلنا هذا؛ لأنَّ اللغةَ العربيَّةَ لا يُمْكِنُ أن يَتَرَكَّبَ بها الكلامُ إلا من مبتدأٍ وخبرٍ، أو فعلٍ وفاعلٍ، أو ما ينوبُ منابَ الفعلِ.
﴿فَاطِرُ﴾؛ أي: هو فاطرُ، والفاطرُ بمعنى: الخالقُ على غير مثالٍ سَبَقَ فهو بمعنى: بديعُ السَّمواتِ، والسَّمواتُ والأرضُ معروفان، السَّمواتُ: هي هذه السَّمواتُ السبعُ التي أَخْبَرَنَا اللهُ عنها، وبيَّنَ أنها سبعٌ شدادٌ، وبَيَّنَ أنه ﷾ بناها بأيدٍ، فقال تعالى: ﴿وَالسَّمَاءَ بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ﴾ [الذاريات: ٤٧]؛ أي: بقوَّةٍ، وليس المرادُ بالأيْدِ في هذه الآية يَد اللهِ ﷿؛ لأنَّ اللهَ لم يُضِفْهَا إلى نفْسِه لم يَقُلْ: بأيدينا، قال ﴿بِأَيْدٍ﴾ وَ﴿أَيْدٍ﴾ مَصْدَرُ آدَ يَئِيدُ، إذا قَوِيَ، فهو كقولِهِ: ﴿وَبَنَيْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعًا شِدَادًا﴾ [النبأ: ١٢]، هذه السَّبْعُ الشدادُ إذا كان يومُ القيامةِ فقد قال اللهُ عنها: إنها تكونُ واهيةً ﴿فَهِيَ يَوْمَئِذٍ وَاهِيَةٌ﴾؛ أي: ضعيفةً.
أما الأرضُ فهي أرْضُنا المعروفةُ، والسَّمواتُ مجموعةٌ؛ لأنَّها سبعٌ، والأرضُ