على سبيلِ التمثيلِ، وإلا فقد قال الرسولُ ﵊: "تَعِسَ عبْدُ الدينارِ، تَعِسَ عبْدُ الدرهمِ، تَعِسَ عبْدُ الخَمِيصةِ، تعس عبد القَطِيفَة" (^١)، فجعلَ الذي يرْبِطُ قولَهُ ومَحَبَّتَه ومعاداتَه وكرَاهَتَه على هذا، جَعَلهُ عبدًا لهم.
قال المُفسِّر ﵀: [﴿اللَّهُ حَفِيظٌ﴾ مُحْصٍ عليهم لِيُجَازِيَهُم] تفسيرُ الـ ﴿حَفِيظٌ﴾ بالمُحْصِي تفسيرٌ باللازمِ، ولكنَّ المرادَ بالحفيظِ؛ أيِ: حافظٌ لأعمالهِم رقيبٌ عليهم، لا يَفُوتُهُ شيءٌ من أعمالهِم ﴿اللَّهُ حَفِيظٌ عَلَيْهِمْ﴾، وإذا كان حفيظًا عليهم حَافِظًا لهمْ مراقبًا لهم؛ فلا بَدَّ أن يُحْصِيَ عليهم أعمالَهُم ويجازيَهُم عليها.
﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ﴾ قال المُفسِّر ﵀: [تُحَصِّلُ المطلوبَ منهم، وما عليك إلَّا البلَاغُ] ﴿وَمَا أَنْتَ عَلَيْهِمْ﴾ الخطابُ للرسولِ ﵊ ﴿بِوَكِيلٍ﴾؛ أي: بحفيظٍ، فالآيةُ واضحةٌ، كأنَّ اللهَ يقولُ: أنا الحفيظُ عليهم، أمَّا أنت فلستَ بحفيظٍ، ما الذي على الرسولِ؟ ﴿إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ﴾ ليس عليه إلا أن يُبَلِّغَ، أمَّا أن يَهْدِيَ أحدًا، أو يُحْصِيَ أعمالَ أحدٍ، فهذا ليس إليه، إنما هو إلى اللهِ ﷿ حتى إن اللهَ قال له في آلِ عمرانَ: ﴿لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ (١٢٨)﴾ [آل عمران: ١٢٨].
من فوائدِ الآيَةِ الكريمة:
الْفَائِدَة الأُولَى: بيانُ سفهِ أولئك المُتَّخِذِين أولياءَ من دونِ اللهِ، وجْهُ السَّفَهِ: قولُهُ: ﴿مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ﴾ يعني كأنهم غَفَلُوا عن اللهِ ﷿ نهائيًّا واتخذوا هذه الأصنامَ أولياءَ.