Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura
تفسير العثيمين: الشورى
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٧ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
والدليلُ: ﴿وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِنْ شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيمًا قَدِيرًا﴾ [فاطر: ٤٤] لم يَقُلْ: عليمًا قويًّا، أيُّهُما أشدُّ وأكْمَلُ؟ نقولُ: كلُّ شيءٍ بحسَبِ، القدرةِ لا يُوصَفُ بها إلا ذَوُو الإرادةِ؛ فالجدارُ مثلًا لا تقُل: إنه قديرٌ، والقوةُ يوصَفُ بها ذوو الإرادةِ وغيرُهُم، تقولُ: الجدارُ قويٌّ، والحجارةُ قويَّةٌ. لكن لا تقولُ: قديرةٌ.
والقوةُ أَكْمَلُ من جهةٍ أخرى؛ لأنَّه ليس كُلُّ قادرٍ قويًّا، فلو امتحنَّا واحدًا منكم، وقلنا: احملْ هذا الحَجَرَ، فأراد أن يَحْمِلَهُ عَجَزَ أن يُقِلَّه عن الأرضِ، فهل نقولُ هذا غيرُ قويٍّ أم غير قادرٍ؟ الجوابُ: غير قادرٍ؛ لأنَّه عجَز لم يُزَحْزِحْه.
ولو قلنا لآخَرَ: احمِلْ هذا الحَجَرَ؛ فكشف عن ذراعيه ثم حَمَلَه، لكنه تَعَثَّرَ، نقولُ: غير قويٍّ، فهو قادرٌ، الآن حَمَلَه، لكنه غَيْرُ قويٍّ. فصارت القوةُ من هذه الناحيةِ أَكْمَلُ؛ لأنَّها هي القدرةُ على الشيءِ بلا ضعفٍ.
هنا يقولُ ﷿: ﴿وَهُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ﴾ قال المُفسِّر ﵀: [﴿الْعَزِيزُ﴾ يعني: الغالبُ على أَمْرِه]؛ قَسَّمَ العُلَماءُ ﵏ العزَّةَ إلى ثلاثةِ أقسامٍ: عِزَّةَ القَدْرِ، وعزَّةَ القَهْرِ، وعزَّةَ الإمتناعِ.
الأولُ: عزَّةُ القَدْرِ: يعني: أن قَدْرَه عظيمٌ؛ لا نظيرَ له، ومنه قولُ العربِ: هذا عزيزٌ. يعني: نادرُ الوجودِ، هذه عزَّةُ القَدْرِ.
الثاني: عزَّةُ القَهْرِ: يعني: الغلبةَ، وهذا أكثرُ ما تَرِدُ بهذا المعنى؛ فالعزيزُ بمعنى الغالِبِ، ومنه قولُهُ تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ ردًّا على قولِ المنافقين؛ ﴿لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ﴾.
الثالثُ: عزَّةُ الإمتناعِ، يعني: أنه يمتنعُ عَلَيْهِ السوءُ ﷿ ويمتنعُ عَلَيْهِ النقصُ؛ يُحاولُ المجرمون أن يصفوه بالنقصِ، ولكنه يَمْتَنِعُ عَلَيْهِ، ومنه قولُهُم: هذه أرضٌ
1 / 194