11

Tafsir Al-Uthaymeen: Ash-Shura

تفسير العثيمين: الشورى

ناشر

مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

١٤٣٧ هـ

پبلشر کا مقام

المملكة العربية السعودية

اصناف

إلى الذين من قبلِك، اللهُ فاعلُ الإيحاءِ] ﴿كَذَلِكَ﴾ تأتي في القرآنِ كثيرًا، وإعرابُها في جميعِ المواطنِ إلا يسيرًا أن تقول: الكافُ بمعنى (مثل) منصوبةٌ على أنها مفعولٌ مطلقٌ عاملُها ما يأتي بَعْدَهَا. حوّل الكافَ إلى مثلٍ تقولُ: مِثْلَ ذلك، والعاملُ فيها ﴿يُوحِي﴾ أي: يوحي إليك مثلَ ذلك الإيحاءِ اللهُ العزيزُ الحكيمُ. وقولُهُ: ﴿كَذَلِكَ﴾ (ذلك) المشارُ إليه الوحيُ النازلُ على الرَّسُولِ ﷺ يوحي إليك: الوحيُ في اللغةِ الإعلامُ بسرعةٍ وخفاءٍ، ويُطْلَقُ على الرمزِ ﴿فَأَوْحَى إِلَيْهِمْ أَنْ سَبِّحُوا بُكْرَةً وَعَشِيًّا﴾ [مريم: ١١]، ويُطْلَقُ على الإلهامِ؛ كما في قولِهِ: ﴿وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ﴾ [النحل: ٦٨]، ﴿وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ﴾ [القصص: ٧]. أمَّا في الإصطلاخ: فالوحيُ إعلامُ اللهِ تعالى بالشرعِ لأنبيائِهِ ورسُلِه. وقولُهُ: ﴿وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِك﴾ الواوُ حرفُ عطْفٍ ﴿وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ﴾ معطوفةٌ على ﴿إِلَيْكَ﴾ وإذا كانتْ معطوفةً على ﴿إِلَيْكَ﴾ كان تقديرُ الفعلِ: ويوحي إلى الذين من قَبْلِك. لكنْ لاحظوا أنَّ المُفسِّر ﵀ صَرَفَهَا فقال: [وأوحى إلى الذين من قَبْلِك]، فَقَدَّرَ فعلًا ماضيًا، مع أنها معطوفةٌ على معمولِ فعلٍ مضارعٍ؛ لأنَّ إيحاءَ اللهِ إلى رسولِهِ محمَّدٍ - صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِهِ وسلَّم - مستمرٌّ، وإيحاؤه إلى من سَبَقَه ماضٍ منتهٍ؛ فلهذا قَدَّرَ المُفسِّر فعلًا ماضيًا. ولكننا نقولُ: الأصلُ عدمُ التقديرِ؛ لأنَّ القرآنَ كاملٌ لا يحتاجُ إلى تقديرٍ إلا ما دعتِ الضَّرُورةُ إليه، ولا ضرورةَ هنا، ونقولُ: كذلك يوحي إليك ويوحي إلى الذين من قَبْلِك، ويكونُ ذِكْرُ الإيحاءِ لمن سَبَقَنَا من بابِ ذِكْرِ صورةِ الحالِ، فإنه ﷾ حين وحْيِهِ إلى من سبق، و﴿يُوحِي﴾ فعلٌ مضارعٌ، فيكونُ هذا على حكايةِ الحالِ.

1 / 15