Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
وقوْله تَعالَى: ﴿فِي﴾ معنَاها (عَلى)؛ لأنَّهَا لوْ أُخِذَتْ بِظاهِرِهَا لكَانَ السّيْرُ في سرَادِيبَ تحْتَ الأرْض؛ لأَنَّ ﴿فِي﴾ للظَّرْفِيَّةِ، والظّرْفُ محِيطٌ بِالمظْروفِ مِن جَمِيعِ الجوَانِبِ، ولا يُمْكِنُ أنْ تُحِيطَ بِك الأرْض مِن جَميعِ الجوانِبِ إلا إِذَا كُنْتَ دَاخِلَ الأرْض في سرْدَابٍ، ولَيْس هَذا مُرادًا، فَعلَى هَذا تكُونُ ﴿فِي﴾ بِمَعْنَى (عَلَى).
وقِيلَ إِنَّ ﴿فِي﴾ للظَّرْفِيَّةِ عَلَى بَابِها ولَا حاجَةَ إِلَى تأْوِيلِها، وأنَّ ظَرْفِيَّةَ كُلِّ شيءٍ بحسَبِه، فيَكونَ معنَى قوْلِه ﷾: ﴿فِي الْأَرْضِ﴾: فِي ظَهْر الأرْض، وكُلُّ أحدٍ يعْرِفُ أنَّه لا يُرادُ أنْ تخْرِقَ الأرْض وتَمْشِيَ في أسْفَلِها، ولَا أحدَ يفْهَمُ هَذا، وأيًّا كَان فَإِنَّ المرَادَ السّيْرُ عَلَى ظَهْرِ الأرْضِ.
لَوْ قَالَ قَائِلٌ: إذَا كانَ يسِيرُ عَلَى ظهْرِ الأرْضِ فإِنَّ الأرْضَ تكونُ محيطَةً بِه؟
قُلْنَا: لَا تكونُ محيطَةً بِه مِنْ يمينِه وَيسَارِه، إذْ لَا تُوجَدُ جُدْرانٌ.
وعَلَى كُلِّ حَالٍ: فالمعْنَى واضِحٌ، وحَتّى لَوْ قُلْنا إِنّ ﴿فِي﴾ للظَّرْفِيَّةِ، فإنَّ الظّرْفَ في كُلِّ موْضِعٍ بحسَبِهِ، وليْسَ بِلَازِمٍ أنْ يكُونَ (في) بمعنَى جَوْف.
وقوْله ﷾: ﴿فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا﴾: الأرْضُ مفرَدٌ، والمرادُ بِه الجِنْس، أي الأراضِي التي وَقَع العذَابُ بأَهْلِها، مثْلَ دِيارِ ثَمُودَ والأحْقَافِ ودِيَارِ قَوْمِ لُوطٍ، كَما قَالَ الله تَعالَى: ﴿وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُقِيمٍ﴾ [الحجر: ٧٦].
قوْله تَعالَى: ﴿فَيَنْظُرُوا﴾: هَل نظَرَ بَصَرٍ أوْ نظَرَ بَصِيرَةٍ؟
والجوابُ: إِنْ كانَ السّيْرُ بالقدَمِ فالنّظَرُ نظَرُ البصَرِ، وإِنْ كانَ السّيْرُ بالفهْمِ فالنّظَرُ نظَرُ بَصِيرَةٍ، يعْني فينْظُروا بعَيْنِ البصِيرَةِ أوْ بعَيْن البصَر حسَبَ السّيْرِ كَمَا سَبَق.
والمرَادُ بعَيْنِ البصِر الَّذي يُؤدِّي إِلَى عيْنِ البصِيرَةِ، وَليْس المقْصُود أنَّك إِذا
1 / 51