Tafsir Al-Uthaymeen: Ar-Rum
تفسير العثيمين: الروم
ناشر
مؤسسة الشيخ محمد بن صالح العثيمين الخيرية
ایڈیشن نمبر
الأولى
اشاعت کا سال
١٤٣٦ هـ
پبلشر کا مقام
المملكة العربية السعودية
اصناف
ولكِنْ عنْدِي أنَّ هُناكَ وجْهًا آخَر، أنْ نجْعَل ﴿خَوْفًا﴾ بمَعْنى تَخْوِيفًا، فإِذا جعَلْنا خوْفًا بمعْنَى تخْوِيفًا زَال الإِشْكالُ؛ لأَنَّ التّخْوِيفَ يكُونُ مِن الله وهُو المُرِي، والإِطْماعُ أيْضًا مِن الله، وهُو المُرِي، وحِينَئِذٍ نسْلَمُ مِن مخالَفَةِ شرْطِ ابْنِ مالِكٍ ﵀، لكِنْ لا بُدَّ مِنْ تأْوِيلٍ، حيْثُ حوَّلْنا ﴿خَوْفًا﴾ إِلَى إِخَافَةٍ، ﴿وَطَمَعًا﴾ إِلَى إطمَاعٍ.
فالوُجُوهُ إِذَنْ ثلاثَةٌ:
- إمَّا أنْ نجْعَل ﴿خَوْفًا﴾ ﴿وَطَمَعًا﴾ مصْدَرينِ في موْضِع الحالِ.
- أوْ نجْعَلَهُما مصْدَرين عَلَى أنَّهُما مفْعُولٌ مِن أجْلِه، ولا نَعْتَبِر اشْتِراطَ اتِّحادِ الفاعِل.
- أوْ نجْعَلَهُما مصْدَرين، لكِنْ بمَعْنى التّخويفِ والإِطْماعِ، وحِينَئِذٍ نكُونُ قد اعتَبْرنا اتِّحادَ الفاعِل ولم نُؤَوِّلهُما إِلَى الحالِ.
وقولُ المُفَسِّر ﵀: [﴿خَوْفًا﴾ لِلْمُسَافِر مِنَ الصَّوَاعِقِ، ﴿وَطَمَعًا﴾ لِلْمُقِيمِ فِي المَطَرِ]: ظَاهِرُ كَلامِ المُفَسِّر أنَّ هَذا عَلَى سَبيلِ التَّوثِيقِ خوْفًا لأُناسٍ، وطمَعا لأُناسٍ، والصَّوابُ خِلافُ كلامِه ﵀، فإِنَّ البرْقَ خوْفٌ وطمَعٌ للجَميعِ، فالمُسافِرُ يخَافُ ويطْمَعُ، والمُقِيمُ أيْضًا يخَافُ ويطْمَعُ، ومَنْ ذَا الَّذي سَلِم مِن الصَّواعِق بسبَبِ كوْنِه فِي البِنَاءِ؟ فالصَّاعِقَة إذَا نزَلَتْ نزَلَتْ حتَّى عَلَى البِنَاءِ وهدَمَتْه، وقتَلَتْ مَنْ فِيه، وَكَذلِكَ المُسَافِرُ أيْضًا مَا أكْثَر المُسافِرِينَ الَّذِين نَجَوْا مِن الصَّواعِقِ وهِي تصْعَقُ حوْلَهم.
فالصّوابُ أنَّه عائِدٌ عَلَى الجمِيعِ، لكِنَّ تقْدِيمَ الخَوْف عَلَى الطَّمَعِ يدُلُّ عَلَى أنَّ خوْفَ النَّاسِ بالبِرِّ أكْثَرُ مِن طَمَعِهم، وَهَذا - واللهُ أعْلَمُ - بنَاءٌ عَلَى الغالِب؛ لأَنَّ أكْثَر
1 / 132